للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

حَتَّى يَخْرُجَ نَقِيًّا مِنَ الذُّنُوبِ) أي جميع ذنوبه، والمراد الصغائر، كما سبق تحقيقه، أو المراد ذنوب أعضاء الوضوء، والأول أوجه، وقال النوويّ - رحمه الله -: والمراد بالخطايا الصغائر دون الكبائر، كما تقدم بيانه، وكما في الحديث الآخر: "ما لم تُغْشَ الكبائر"، قال القاضي عياض: والمراد بخروجها مع الماء المجاز والاستعارة في غفرانها؛ لأنها ليست بأجسام، فتخرجَ حقيقةً. انتهى.

قال الجامع عفا الله عنه: لا داعي لدعوى المجاز، بل الظاهر حمله على الحقيقة، ولا مانع من تجسّد الخطايا، وخروجها مع الماء، فقد أخرج الإمام أحمد، والترمذيّ عن ابن عباس - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "نَزَل الحجر الأسود من الجنة، وهو أشد بياضًا من اللبن، فسوّدته خطايا بني آدم"، قال الترمذيّ: حديث حسن صحيح (١).

فقد ثبت تجسّد الذنوب، وتسويده للحجر الأسود، فتبصّر، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسائل تتعلّق بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - هذا من أفراد المصنّف - رحمه الله -.

(المسألة الثانية): في تخريجه:

أخرجه (المصنّف) هنا في "الطهارة" [١١/ ٥٨٣] (٢٤٤)، و (مالك) في "الموطّأ" (١/ ٣٢)، و (الترمذيّ) في "الطهارة" (٢)، و (أحمد) في "مسنده" (٢/ ٣٠٣)، و (الدارميّ) في "سننه" (١/ ١٨٣)، و (ابن خزيمة) في "صحيحه" (٤)، و (ابن حبّان) في "صحيحه" (١٠٤٠)، و (أبو عوانة) في "مسنده" (٦٦٩ و ٦٧٠)، و (أبو نعيم) في "مستخرجه" (٥٧٥)، و (البغويّ) في "شرح السنّة" (١٥٠)، و (البيهقيّ) في "الكبرى" (١/ ٨١) والله تعالى أعلم.


(١) الحديث صححه الشيخ الألباني - رحمه الله - أيضًا، لكن في سند الترمذي عطاء بن السائب، وقد اختلط، والراوي عنه جرير بن عبد الحميد، سمع منه بعد الاختلاط، وتابعه حماد بن سلمة عند أحمد، وهو ممن روى عنه قبل الاختلاط وبعده، لكن الحديث له شواهد، وقد بيّن ذلك كله الألبانيّ - رحمه الله - في "الصحيحة"، فراجعها (٦/ ٢٣٩٠).