للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقال القرطبيّ - رحمه الله -: "أو" للشكّ من بعض الرواة، ويدلّ على أنه للشكّ زيادة مالك فيه: "مع الماء، أو مع آخر الماء"، أو نحو هذا، قال: ويُفهَمُ منه أن الغسل لا بدّ فيه من نقل الماء، ولا يُفهم منه أن غاية الغسل أن يقطُر الماء؛ لأنه على الشكّ، ولمَا جاء "حتى يُسبغ" (١).

و"القطرة" - بفتح، فسكون -: النُّقطة، والجمع قَطَرات، يقال: قَطَرَ الماءُ قَطْرًا، من باب قَتَلَ، وقَطَرَانًا، وقَطَرته، يتعدّى، ولا يتعدّى، هذا قول الأصمعيّ، وقال أبو زيد: لا يتعدّى بنفسه، بل بالألف، فيقال: أقطرته. انتهى (٢).

والمعنى هنا: أن الخطيئة تخرُج مع النُّقطة الأخيرة التي تتساقط من غسل وجهه، والله تعالى أعلم.

(فَإِذَا غَسَلَ يَدَيْه، خَرَجَ مِنْ يَدَيْهِ) أي ذَهَبَ، ومُحِي (كُلُّ خَطِيئَةٍ كَانَ بَطَشَتْهَا يَدَاهُ) أي أخذتها، كملامسة الْمرأة الأجنبيّة، و"كان" يحتمل أن تكون زائدة، كما قال في "الخلاصة":

وَقَدْ تُزَادُ "كَانَ" فِي حَشْوٍ كـ "مَا … كَانَ أَصَحَّ عِلْمَ مَنْ تَقَدَّمَا"

وجملة "بطشتها" في محلّ جرّ صفة لـ"خطيئة"، أي كلُّ خطيئة مبطوشة بيديه.

ويَحْتَمِلُ أن تكون "كان" شانيّة، واسمها ضمير الشأن، وجملة "بطشتها" خبرها، وجعل اسمها ضمير العبد المسلم، وخبرها جملة "بطشتها يداه" مما لا يخفى بعده، فتنبّه، والله تعالى أعلم.

وقال الطيبيّ: قوله: "يداه" تأكيد للمبالغة (مَعَ الْمَاء، أَوْ مَعَ آخِرِ قَطْرِ الْمَاء، فَإِذَا غَسَلَ رِجْلَيْه، خَرَجَتْ كُلُّ خَطِيئَةٍ مَشَتْهَا) الضمير لـ"الخطيئة"، وهو منصوب بنزع الخافض: أي مشت بها إلى الخطيئة، أو يكون مصدرًا: أي مَشَتِ الْمَشْيَةَ، فهو كقوله - صلى الله عليه وسلم -: "واجعله الوارث": أي اجعل الجعل؛ قاله الطيبيّ - رحمه الله - (٣). (رِجْلَاهُ) تأكيد للمبالغة أيضًا (مَعَ الْمَاء، أَوْ مَعَ آخِرِ قَطْرِ الْمَاء،


(١) "المفهم" ١/ ٤٩٣.
(٢) "المصباح المنير" ٢/ ٥٠٧.
(٣) "الكاشف" ٣/ ٧٤٥.