للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فهو خاطئٌ، وأخطأ: إذا أراد الصواب، فصار إلى غيره، فإن أراد غير الصواب، وفعله، قيل: قصده، أو تعمّده، والْخِطْءُ - أي بكسر، فسكون -: الذنب؛ تسميةً بالمصدر. انتهى (١).

وقوله: (نَظَرَ إِلَيْهَا) في محلّ جرّ، صفةٌ لـ"خطيئة" (بِعَيْنَيْهِ) قال الطيبيّ - رحمه الله -: أي نظر إلى سببها؛ إطلاقًا لاسم المسبَّب على السبب؛ مبالغة، يعني أن هذا مجاز مرسلٌ؛ بعلاقة السببيّة؛ لأنه لا ينظر إلى نفس الخطيئة؛ إذ المرأة الأجنبيّة مثلًا سبب الخطيئة، وليست هي عين الخطيئة، وكذا البواقي.

[فإن قلت]: ذَكَرَ لكلّ عضو ما يَختصّ به من الذنوب، وما يُزيلها عن ذلك العضو، والوجه مشتملٌ على العين، والفم، والأنف، والأذن، فلم خُصّت بالذكر دونها؟.

[قلت]: العين طَلِيعة القلب، ورائده، فإذا ذُكرت أغنت عن سائرها، ويَعضِد هذا التأويل حديث عبد الله الصنابحيّ، وفيه: "فإذا غسل وجهه، خرجت الخطايا من وجهه حتى تخرج من تحت أشفار عينيه". انتهى (٢).

وقيل في الجواب عن هذا الاستشكال: أن سبب تخصيص خطيئة العين بالمغفرة هو أن كلًّا من الفم، والأنف، والأذن له طهارة مخصوصة خارجة عن طهارة الوجه، فكانت متكفّلةً بإخراج خطاياه، بخلاف العين، فإنه ليس لها طهارة إلا في غسل الوجه، فخُصّت خطيئتها بالخروج عند غسله دون غيرها مما ذُكر. انتهى (٣).

(مَعَ الْمَاءِ) متعلّقٌ بـ "خرج"، أي مع انفصال الماء (أَوْ مَعَ آخِرِ قَطْرِ الْمَاءِ) قال أبو عمر - رحمه الله -: "أو" للشك من المحدّث، ولا يجوز أن يكون ذلك شكًّا من النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، ولا يَظُنّ ذلك إلا جاهلٌ مجنون، وَيَحْمِلُ على الشكّ في مثل هذه الألفاظ: التحرّي في الإتيان بلفظ الحديث دون معناه، وهذا شيء قد اختَلَف فيه السلف. انتهى (٤).


(١) "المصباح المنير" ١/ ١٧٤.
(٢) "الكاشف" ٣/ ٧٤٤.
(٣) راجع "المرقاة" ٢/ ١٤.
(٤) "التمهيد" ١/ ١٩٢ - ١٩٣ ترتيب المغراوي.