للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بإبلهم ازدحمت الإبل عند الورود، فيكون فيها الضالّ والغريب، وكلُّ واحد من أصحاب الإبل يدفعه عن إبله حتى تشرب إبله، فيكثر ضاربوه، ودافعوه، حتى لقد صار هذا مثلًا شائعًا. انتهى (١).

(أُنَادِيهِمْ أَلَا هَلُمَّ) معناه: تَعَالَوْا، قال أهل اللغة: في "هَلُمَّ" لغتان: أفصحهما: هَلُمّ للرجل والرجلين والمرأة والجماعة من الصنفين، بصيغة واحدة، وبهذه اللغة جاء القرآن في قوله تعالى: {هَلُمَّ شُهَدَاءَكُمُ}، {وَالْقَائِلِينَ لإِخْوَانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنَا}، واللغة الثانية: هَلُمَّ يا رجل، وهلمّا يا رجلان، وهَلُمُّوا يا رجال، وللمرأة هلمّي، وللمرأتان هَلُمّتا، وللنسوة هَلْمُمْنَ، قال ابن السِّكِّيت وغيره: الأولى أفصح كما قدمناه، ذكره النوويّ (٢).

وقال الفيّوميّ رحمهُ اللهُ: "هَلُمّ" كلمة بمعنى الدعاء إلى الشيء، كما يقال: تَعَالَ، قال الخليل: أصله لُمَّ من الضمِّ والجمع، ومنه: لَمَّ اللهُ شَعَثَهُ، وكأن المنادي أراد: لُمَّ نفسَكَ إلينا، و"ها" للتنبيه، وحُذِفت الألف؛ تخفيفًا؛ لكثرة الاستعمال، وجُعِلا اسمًا واحدًا، وقيل: أصلها: هَلْ أُمَّ: أي قُصِدَ، فنُقلت حركة الهمزة إلى اللام، وسقطت، ثم جُعِلا كلمةً واحدةً للدعاء، وأهل الحجاز يُنادون بها بلفظ واحد للمذكّر والمؤنّث، والمفرد، والجمع، وعليه قوله تعالى: {وَالْقَائِلِينَ لإِخْوَانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنَا}، وفي لغة نجد تَلحَقها الضمائر، وتُطابِقُ، فيقال: هَلُمي، وهَلُمّا، وهَلُمُّوا، وهَلْمُمْنَ؛ لأنهم يَجعلونها فعلًا، فيُلحقونها الضمائر، كما يُلحقونها قُمْ، وقُومَا، وقوموا، وقُمْنَ، وقال أبو زيد: استعمالها بلفظ واحد للجمع من لغة عُقيل، وعليه قَيْسٌ، وإلحاق الضمائر من لغة تميم، وعليه أكثر العرب، وتُستعمل لازمةً، نحو: {هَلُمَّ إِلَيْنَا}؛ أي أَقْبِلْ، ومُتعَدِّيةً، نحو: {هَلُمَّ شُهَدَاءَكُمُ}: أي أحضِرُوهم. انتهى (٣).

(فَيُقَالُ: إِنَّهُمْ قَدْ بَدَّلُوا) أي غيّروا دينهم (بَعْدَكَ) أي بعد مفارقتك لهم بالموت، وفي رواية: "وهل تدري ما أحدثوا بعدك؟ "، وفي رواية البخاريّ: "لا تدري ما أحدثوا بعدك"، وفي رواية له: "إنك لا عِلْمَ لك بما أحدثوا


(١) "المفهم" ١/ ٥٠٦.
(٢) "شرح النوويّ" ٣/ ١٣٩.
(٣) "المصباح المنير" ٢/ ٦٣٩ - ٦٤٠.