للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بعدك، إنهم ارتدّوا على أعقابهم القهقرى". (فَأَقُولُ: سُحْقًا سُحْقًا") أي بعدًا بعدًا، قال النوويّ رحمهُ اللهُ: هكذا هو في الروايات "سُحْقًا سُحْقًا"، مرتين، ومعناه: بُعْدًا بُعْدًا، وكرّره للتأكيد، والمكان السَّحِيق: البعيد، وفي "سُحْقًا" لغتان، قُرِئ بهما في السبع: إسكان الحاء، وضمها، قرأ الكسائيّ بالضمّ، والباقون بالإسكان، ونُصِب على تقدير: أَلْزَمَهُم الله سُحْقًا، أو سَحَقَهُم سُحْقًا. انتهى (١).

وقال الحافظ أبو عمر رحمهُ اللهُ: معنى "سُحْقًا": بُعْدًا، والسُّحْقُ والْبُعْد، والإسحاق، والإبعاد سواء، بمعنى واحد، وكذلك النَّأْيُ، والبُعْدُ لفظتان بمعنى واحد، إلا أن سُحقًا وبُعْدًا هكذا إنما تجيء بمعنى الدعاء على الإنسان، كما يقال: أبعده الله، وقاتله الله، وسَحَقه الله، ومَحَقَه، وأسحقه أيضًا، ومن هذا قول الله عزَّ وجلَّ: {فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ} يعني: بعيد، وكلُّ مَن أحدث في الدين ما لا يرضاه الله، ولم يأذن به الله، فهو من المطرودين عن الحوض المبعدين عنه، والله أعلم. انتهى (٢). والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسائل تتعلّق بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - هذا من أفراد المصنّف رحمهُ اللهُ.

(المسألة الثانية): في تخريجه:

أخرجه (المصنّف) هنا في "الطهارة" [١٢/ ٥٩٠ و ٥٩١] (٢٤٩)، و (النسائيّ) في "الطهارة" (١٥٠)، و (ابن ماجه) في "الزهد" (٤٣٠٦)، و (أحمد) في "مسنده" (٢/ ٣٠٠ و ٤٠٨)، و (ابن خزيمة) في "صحيحه" (٦)، و (ابن حبّان) في "صحيحه" (١٠٤٦)، و (أبو عوانة) في "مسنده" (٣٦٠ و ٣٦١)، و (أبو نعيم) في "مستخرجه" (٥٨٢ و ٥٨٣)، و (البيهقيّ) في "الكبرى" (١/ ٨٢ - ٨٣)، و (البغويّ) في "شرح السنة" (١٥١)، والله تعالى أعلم.

(المسألة الثالثة): في فوائده:

١ - (منها): بيان فضل إطالة الغرّة والتحجيل في الوضوء.

٢ - (ومنها): إثبات حوض النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، وقد اختلف العلماء في وقت


(١) "شرح النوويّ" ٣/ ١٣٩ - ١٤٠.
(٢) راجع "التمهيد" ٢٠/ ٢٦٢.