للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وروده ومكانه، فقال بعضهم: الورود على الحوض يكون بعد نصب الصراط، والمرور عليه، واحتجّوا بما أخرجه أحمد، والترمذيّ عن أنس - رضي الله عنه -، قال: "سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يَشفع لي، فقال: أنا فاعل، فقلت: أين أطلبك؟ قال: اطلبني أوّلّ ما تطلبني على الصراط، قلت: فإن لم ألقك؟ قال: أنا عند الميزان، قلت: فإن لم ألقك؟ قال: أنا عند الحوض" (١).

وقد استُشكِلَ كون الحوض بعد الصراط بما جاء في أحاديث الباب من أن جماعةً يُدفعون عن الحوض بعد أن يكادوا يَرِدونه، ويُذهب بهم إلى النار، ووجه الاستشكال أن الذي يمرّ على الصراط إلى أن يَصِل إلى الحوض يكون قد نجا من النار، فكيف يُردّ إليها؟.

ويمكن أن يُجاب بأنهم يقربون من الحوض بحيث يرونه، ويرون النار، ويراهم النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فيُناديهم، فيُدفَعُون إلى النار.

وسيأتي تحقيق المسألة، واستيفاء مباحثها بذكر أدلّتها في موضعها المناسب لها إن شاء الله تعالى.

[تنبيه]: اشتهر اختصاص نبيّنا - صلى الله عليه وسلم - بالحوض، لكن أخرج الترمذيّ من حديث سمرة - رضي الله عنه -، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن لكل نبيّ حوضًا، وإنهم يَتَباهون أيُّهم أكثر واردةً، وإني أرجو أن أكون أكثرهم واردةً" (٢).

قال الحافظ رحمهُ اللهُ: فإن ثبت أن لكلّ نبيّ حوضًا فالمختصّ بنبيّنا - صلى الله عليه وسلم - الكوثر، أي النهر الذي يصبّ من مائه في حوضه، فإنه لم يُنقل نظيره لغيره، ووقع الامتنان عليه به في سورة الكوثر، والله تعالى أعلم (٣).

٣ - (ومنها): ما قاله القرطبيّ رحمهُ اللهُ في "المفهم" تبعًا للقاضي عياض: مما يجب على كلّ مكلّف أن يَعلمه، ويُصدّق به أن الله عزَّ وجلَّ قد خصّ نبيّه


(١) حديث صحيح، أخرجه أحمد في "مسنده" (١٢٣٦٠)، والترمذيّ في "جامعه" (٢٣٥٧).
(٢) أخرجه الترمذيّ ٤/ ٦٢٨، وصححه الشيخ الألبانيّ، ووري من مرسل الحسن البصريّ، وقال الترمذيّ: المرسل أصحّ.
(٣) قد صحّ ذلك، كما مرّ آنفًا.