للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

العامّة الْجَهَلَة؛ لئلا يترخّصوا برخصته؛ لغير ضرورة، أو يعتقدوا أن ما تشدّد فيه هو الفرض اللازم. انتهى (١).

قال الجامع عفا الله عنه: قول القاضي: "لوسوسة" فيه نظرٌ لا يخفى؛ لأنه ليس التشدّد للوسوسة مشروعًا، بل الذي ينبغي للإنسان إذا ابتُلي بالوسواس أن لا يلتفت إليه، بل يبتعد، ويعرض عنه، ويستعيذ بالله عزَّ وجلَّ منه، فإنه من الشيطان، فتبصّر، والله تعالى أعلم.

وقال القرطبيّ رحمهُ اللهُ: وإنكارهم على أبي هريرة - رضي الله عنه -، واعتذاره عن إظهار ذلك الفعل يدلّ على انفراده بذلك الفعل. انتهى (٢).

وفي رواية ابن أبي شيبة في "مصنّفه" (١/ ٥٥) عن عليّ بن مُسهر، عن يحيى بن أيوب البجليّ، عن أبي زُرعة، قال: دخلت على أبي هريرة، فتوضّأ إلى منكبيه، وإلى ركبتيه، فقلت له: ألا تكتفي بما فرض الله عليك من هذا؟ قال: بلى، ولكن سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "مبلغ الحلية مبلغ الوضوء"، فأحببتُ أن يزيدني في حِليتي.

وهذا إسناد قويّ، رجاله رجال الشيخين عدا يحيى بن أيوب، وهو ثقةٌ، وقد خالفه عُمارة بن القعقاع، فوقفه على أبي هريرة.

ورواه أحمد في "مسنده" (٢/ ٢٣٢)، والبخاريّ في "صحيحه" (٥٩٥٣) من طريقين عن عُمارة، عن أبي زرعة، قال: دخلت مع أبي هريرة دارًا بالمدينة … ثم دعا بتَوْر من ماء، فغسل يديه حتى بلغ إبطه، فقلت: يا أبا هريرة أشيء سمعته من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قال: منتهى الحلية. انتهى (٣).


(١) راجع "شرح النوويّ" ٣/ ١٤٠ - ١٤١.
(٢) "المفهم" ١/ ٥٠٧.
(٣) قال الإمام البخاريّ رحمهُ اللهُ في "كتاب اللباس" من "صحيحه" (٥٩٥٣): حدثنا موسى، حدثنا عبد الواحد، حدثنا عُمارة، حدَثنا أبو زرعة، قال: دخلت مع أبي هريرة دارًا بالمدينة، فرأى أعلاها مُصَوّرًا يُصَوِّر، قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "ومن أظلم ممن ذهب يخلق كخلقي، فليخلقوا حَبّةً، وليخلقوا ذَرَّةً"، ثم دعا بتور من ماء، فغسل يديه حتى بلغ إبطه، فقلت: يا أبا هريرة أشيء سمعته من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قال: منتهى الحلية. انتهى.