للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

نعتٌ لاسم الإشارة، أو بدلٌ منه، أو عطف بيان، كما قال بعضهم:

مُعَرَّفٌ بَعْدَ إِشَارَةٍ بِـ "أَل" … يُعْرَبُ نَعْتًا أَوْ بَيَانًا أَوْ بَدَلْ

يقول: أيُّ شيء هذا الوضوء الذي يُخالف صفة الوضوء التي كنت تتوضّؤها قبل هذا؟ لأن أبا هريرة - رضي الله عنه - كان لا يتوضّأ هذا الوضوء إذا كان بين الناس، كما يدلّ عليه قوله: (فَقَالَ) أبو هريرة - رضي الله عنه - (يَا بَنِي فَرُّوخَ) بفتح الفاء، وتشديد الراء، قال النوويّ رحمهُ اللهُ: قال صاحب "كتاب العين": "فرُّوخ" بلغنا أنه كان من ولد إبراهيم عليه السلام، من ولد كان بعد إسماعيل، وإسحاق، كثُرَ نسله، ونما عدده، فولد العجم الذين هم في وسط البلاد.

قال القاضي عياض رحمهُ اللهُ: أراد أبو هريرة - رضي الله عنه - هنا الموالي، وكان خطابه لأبي حازم. انتهى (١).

وفي "القاموس"، و"شرحه": "وفَرُّوخ" كتَنُّور أخو إسماعيل، وإسحاق، أبو العجم الذين هم في وسط البلاد، وهو فارسيّ، ومعناه: السعيد طالعه، وقد تسقط واوه في الاستعمال، وهو غير منصرف؛ للعجمة والعلميّة. انتهى بتغيير يسير (٢).

وقال القرطبيّ رحمهُ اللهُ: قصد أبو هريرة - رضي الله عنه - بقوله: "أنتم ها هنا" الموالي، وكان خطابه لأبي حازم سلمان الأشجعيّ الكوفيّ، مولى عَزّة الأشجعيّة، وليس بأبي حازم سلمة بن دينار الفقيه الزاهد المدنيّ، مولى بني مخزوم، وكلاهما خرّج عنه في "الصحيح" (٣).

(أَنْتُمْ هَا هُنَا؟) بتقدير همزة الاستفهام، أي أأنتم ها هنا؟، أي حاضرون في هذا الموضع (لَوْ عَلِمْتُ أَنَّكُمْ هَا هُنَا، مَا تَوَضَّأْتُ هَذَا الْوُضُوءَ) أي لئلا يعتقدوا أنه من واجبات الوضوء، قال القاضي عياض رحمهُ اللهُ: أراد أبو هريرة - رضي الله عنه - بكلامه هذا أنه ينبغي لمن يُقتدَى به إذا ترخّص في أمر لضرورة، أو تَشَدَّد لوسوسة، أو لاعتقاده في ذلك مذهبًا شذّ به عن الناس أن لا يفعله بحضرة


(١) "شرح النوويّ" ٣/ ١٤٠.
(٢) "تاج العروس من جواهر القاموس" ٢/ ٢٧٢.
(٣) "المفهم" ١/ ٥٠٧.