للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(عَلَى الْمَكَارِهِ) جمع مَكْرَهٍ - بفتح الميم، وسكون الكاف، وفتح الراء -: وهو ما يَكرهه الإنسان، ويَشُقّ عليه، والْكُرْهُ - بالضمّ والفتح -: المشقّة.

والمراد هنا: أن يتوضّأ مع البرد الشديد، والعلل التي يتأذّى معها بمسّ الماء، ومع إعوازه، والحاجة إلى طلبه، والسعي في تحصيله، أو ابتياعه بالثمن الغالي، وما أشبه ذلك من الأسباب الشاقّة، أفاده ابن الأثير رحمهُ اللهُ (١).

وقال أبو عمر رحمهُ اللهُ: قوله: "على المكاره": قيل: إنه أراد شدّة البرد، وكل حال يُكْرِه المرء نفسَهُ على الوضوء، ومنه تكسيل الشيطان له عنه (٢).

(وَكَثْرَةُ الْخُطَا) بالرفع عطفًا على "إسباغ"، أي كثرة التردّد إليها، و"الْخُطَى" بالضمّ والقصر: جمع خُطْوة بالضمّ أيضًا، وهي ما بين القدمين، ويُجمع أيضًا على خُطْوات بضمّ، فسكون وعلى خُطُوات بضمّتين، قاله في "اللسان" (٣).

(إِلَى الْمَسَاجِدِ) متعلّق بـ "كثرةُ الخطا"، قال النوويّ رحمهُ اللهُ: وكثرة الخطا تكون ببعد الدار، وبكثرةِ التكرار.

(وَانْتِظَارُ الصَّلَاةِ) أي انتظار وقتها، أو جماعتها (بَعْدَ الصَّلَاةِ) أي بعد أدائها، يعني أنه إذا صلَّى بالجماعة، أو منفردًا ينتظر صلاةً أخرى، ويُعلّق قلبه بها، وذلك بأن يجلس في المسجد، أو في بيته ينتظرها، أو يكون في شُغله، وقلبه معلّقٌ بها، أفاده المباركفوريّ، وقال السيوطيّ: يحتمل وجهين: أحدهما الجلوس في المسجد، والثاني تعلّق قلبه بالصلاة والاهتمام بها، والتأهّب لها. انتهى (٤).

قال الجامع عفا الله عنه: الوجه الأول أظهر، والله تعالى أعلم.

وقال القاضي أبو الوليد الباجيّ رحمهُ اللهُ: هذا في المشتركتين من الصلوات في الوقت، وأما غيرهما فلم يكن من عمل الناس. انتهى.

قال الجامع عفا الله عنه: في تفريق الباجيّ بين المشتركتين، وبين غيرهما نظر لا يخفى؛ إذ ظاهر النصّ عموم النوعين، فتبصّر، والله تعالى أعلم.


(١) "النهاية" ٤/ ١٦٨ - ١٦٩.
(٢) "الاستذكار" ٦/ ٢١٨ - ٢١٩.
(٣) "لسان العرب" ١٤/ ٢٣١.
(٤) "زَهر الربى" ١/ ٩٠.