للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ورَوَى سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن عُبيد بن عُمير، قال: مِن صدق الإيمان وبِرّه إسباغُ الوضوء في المكاره، ومن صدق الإيمان وبِرّه أن يخلو الرجل بالمرأة الجميلة، ويَدَعَها، ولا يَدَعُها إلا لله عزَّ وجلَّ (١).

ثم إن المكاره قد تكون ببرودة الماء في الشتاء، أو حرارته في الصيف، أو ألم الجسم، أو نحو ذلك، كما أسلفناه قريبًا.

٢ - (ومنها): ما قاله الحافظ ابن عبد البرّ رحمهُ اللهُ: هذا الحديث من أفضل الأحاديث التي تُروى في فضائل الأعمال (٢).

٣ - (ومنها): مشروعيّة طرح العالم المسألة على المتعلّم، وابتداؤه بالفائدة، وعرضُها على من يرجو حفظها، وحملها، قاله ابن عبد البرّ رحمهُ اللهُ أيضًا.

٤ - (ومنها): الترغيب في كثرة الخطا إلى المساجد، وذلك يكون ببعد المسجد، أو تكرار الذهاب إليه، أو بهما معًا.

٥ - (ومنها): فضل انتظار الصلاة بعد الصلاة في المسجد، فإن المنتظر يعدّ كأنه في الصلاة ما دامت الصلاة تحبسه، فقد أخرج الشيخان من حديث أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: أخَّر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الصلاة ذات ليلة إلى شطر الليل، ثم خرج علينا، فلما صلى أقبل علينا بوجهه، فقال: "إن الناس قد صَلَّوا، ورَقَدُوا، وإنكم لن تزالوا في صلاة ما انتظرتم الصلاة"، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الرابعة): حيث إن بعض العلماء قال: إن المراد بهذا الحديث هو ما في قوله عزَّ وجلَّ: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (٢٠٠)} [آل عمران: ٢٠٠] أحببت أن أذكر ما قاله المفسّرون في هذه الآية إيضاحًا للمقام، وتكميلًا للمرام، فقلت:

قال الإمام الحافظ ابن كثير رحمهُ اللهُ في "تفسيره": قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا} قال الحسن البصريّ: أُمروا أن يصبروا على دينهم الذي ارتضاه الله لهم، وهو الإسلام، فلا يَدَعُوه لسَرّاء، ولا


(١) "الاستذكار" ٦/ ٢١٨ - ٢١٩.
(٢) "الاستذكار" ٦/ ٢١٨.