للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال الحافظ رحمهُ اللهُ: قوله: "أو على الناس"، هو شكّ من الراوي، ولم أقف عليه بهذا اللفظ في شيء من الروايات عن مالك، ولا عن غيره، وقد أخرجه الدارقطنيّ في "الموطآت" من طريق "الموطأ" لعبد الله بن يوسف، شيخ البخاريّ فيه بهذا الإسناد، بلفظ: "أو على الناس"، لم يَعْدُ قوله: "لولا أن أشقّ"، وكذا رواه كثير من رواة "الموطأ"، ورواه أكثرهم بلفظ: "المؤمنين" بدل "أمتي"، ورواه يحيى بن يحيى الليثيّ بلفظ: "على أمتي" دون الشك. انتهى (١).

(لَأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ) أي باستعمال السواك؛ لأن السواك هو الآلة، وقد تقدّم أنه يُطْلَق على الفعل أيضًا، فعلى هذا لا يَحتاج إلى تقدير.

(عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ") أي عند إرادة أداء كلّ صلاة، فرضًا أو نفلًا، ولفظ البخاريّ: "مع كلّ صلاة"، وفي رواية مالك، والشافعيّ، والبيهقيّ، وابن خزيمة في "صحيحه"، والحاكم، وقال: صحيح الإسناد، وذكره البخاريّ تعليقًا في "كتاب الصوم" عن أبي هريرة - رضي الله عنه - مرفوعًا بلفظ: "لولا أن أشُقّ على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كلّ وضوء قيل: ويوفَّق بين الروايتين أن السواك الواقع عند الوضوء واقع للصلاة؛ لأن الوضوء شُرع لها.

قال الجامع عفا الله عنه: هكذا قيل، وفيه نظرٌ لا يخفى؛ إذ يؤدّي إلى أن السواك للوضوء يكفي للصلاة، فلا يُطلب لها، وهذا غير سديد، بل الصواب أن يُوفّق بين الروايتين على طلب السواك لكلّ من الوضوء والصلاة، كما أنه يُطلب عند تغيّر الفم؛ لحديث عائشة - رضي الله عنها - أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "السواك مطهرةٌ للفم، مَرضاة للربّ" (٢)، والله تعالى أعلم.

وقال الحافظ رحمهُ اللهُ: قوله: "مع كلّ صلاة" لم أرها في شيء من روايات "الموطأ" إلا عن مَعْن بن عيسى، لكن بلفظ: "عند كلّ صلاة"، وكذا رواه النسائي عن قتيبة، عن مالك، وكذا رواه مسلم من طريق ابن عيينة، عن أبي الزناد، يعني هذه الرواية، وخالفه سعيد بن أبي هلال، عن الأعرج، فقال: "مع الوضوء" بدل "الصلاة"، أخرجه أحمد من طريقه، والله تعالى أعلم


(١) "الفتح" ٢/ ٤٣٦.
(٢) حديث صحيح، أخرجه النسائيّ بإسناد صحيح برقم (٥).