للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وتُعُقّب بأنه يجوز أن يكون - صلى الله عليه وسلم - أخبر أمته بأن سبب عدم ورود النصّ وجود المشقّة، فيكون معنى قوله: "لأمرتهم" أي عن الله تعالى بأنه واجب.

قال الجامع عفا الله عنه: هكذا تُعُقّب، وهذا التعقّب، وإن كان له وجه، إلا أن مسألة الاجتهاد من النبيّ - صلى الله عليه وسلم - الحقّ فيها الجواز، والوقوع، وقد حقّقت هذا في "التحفة المرضيّة" في الأصول، حيث قلت:

اخْتَلَفُوا هَلِ الرَّسُولُ يَجْتَهِدْ … فَالأَكْثَرُونَ جَوَّزُوهُ وَوُجِدْ

وَبَعْضُهُمْ مَنَعَهُ وَالْبَعْضُ فِي … حَرْبٍ رَأَى وَالْبَعْضُ ذُو تَوَقُّفِ

وَالْحَقُّ جَائِزٌ وَوَاقِعٌ فَقَدْ … جَاءَتْ وَقَائِعُ لَهَا قَدِ اجْتَهَدْ

وَالْخُلْفُ فِي خَطَئِهِ وَصُوِّبَا … وَقُوعُهُ بِلَا تَمَادٍ صَاحَبَا

فَاللهُ لَا يُقِرُّهُ عَلَيْهِ بَلْ … يُنْزِلُ وَحْيَهُ إِزَالَةَ الْخَلَلْ

ثُمَّةَ ذَا الْخُلْفُ لأَمْرٍ نُسِبَا … لِلدِّينِ لَا غَيْرُ فَخُذْهُ رَاغِبَا

أَمَّا الأُمُورُ الدُّنْيَوِيَّةُ فَقَدْ … اتَّفَقُوا فِي كَوْنِهِ فِيهَا اجْتَهَدْ

ولمزيد إيضاح المسألة فراجع "شرحها" "المِنْحَة الرضيّة"، تستفد، وبالله تعالى التوفيق.

٦ - (ومنها): أنه استَدلّ أبو إسحاق الشيرازيّ رحمهُ اللهُ في "اللُّمَع" على أن الاستدعاء على جهة الندب ليس بأمر حقيقةً؛ لأن السواك عند كل صلاة مندوب إليه، وقد أخبر الشارع أنه لم يأمر به. انتهى.

قال الحافظ: ويؤكِّده قوله في رواية سعيد المقبريّ، عن أبي هريرة عند النسائيّ، بلفظ: "لَفَرضت عليهم" بدل "لأمرتهم". انتهى.

قال الجامع عفا الله عنه: الأرجح أن الندب مأمور به، كما سيأتي تحقيقه، وأما تأكيد الحافظ كلام الشيرازي بحديث النسائيّ، فليس بواضح، فليُتأمل، والله تعالى أعلم.

٧ - (ومنها): ما قاله الإمام الشافعيّ رحمهُ اللهُ: فيه دليل على أن السواك ليس بواجب؛ لأنه لو كان واجبًا لأمَرهم: شقّ عليهم به أو لم يشقّ. انتهى.

وسيأتي تحقيق الخلاف في ذلك قريبًا - إن شاء الله تعالى.

٨ - (ومنها): أنه استُدِلّ بقوله: "عند كل صلاة" على استحبابه للفرائض والنوافل مطلقًا، وهو الحقّ.