للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قيل: ويحتمل أن يكون المراد الصلوات المكتوبة، وما ضاهاها من النوافل التي ليست تبعًا لغيرها، كصلاة العيد، وهذا اختاره أبو شامة. قال الحافظ: ويتأيد بقوله في حديث أم حبيبة - رضي الله عنها - عند أحمد بلفظ: "لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة كما يتوضؤون"، وله من طريق أبي سلمة، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - بلفظ: "لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم عند كل صلاة بوضوء، ومع كل وضوء بسواك"، فَسَوَّى بينهما، وكما أن الوضوء لا يندب للراتبة التي بعد الفريضة، إلا إن طال الفصل مثلًا، فكذلك السواك.

قال: ويمكن أن يُفَرَّق بينهما بأن الوضوء أشقّ من السواك، ويتأيد بما رواه ابن ماجه من حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي ركعتين، ثم ينصرف، فيستاك"، وإسناده صحيح، لكنه مختصر من حديث طويل أورده أبو داود، وبَيَّن فيه أنه تَخَقَل بين الانصراف والسواك نوم، وأصل الحديث في مسلم، مُبَيَّنًا أيضًا. انتهى.

قال الجامع عفا الله عنه: في تقييده بالمكتوبات، وما ضاهاها نظرٌ لا يخفى، وما استدل به على ذلك غير واضح فيه، بل الحقّ أن عموم قوله: "عند صلاة" على ظاهره، فيُستحبّ لكلّ صلاة يؤديها المرء مكتوبة، أو نافلة مطلقًا دون فرق بين نوع ونوع؛ عملًا بظاهر النصّ، فتبصّر بالإنصاف، والله تعالى أعلم.

٩ - (ومنها): أنه استُدِلّ به على أن الأمر يقتضي التكرار؛ لأن الحديث دَلّ على كون المشقة هي المانعة من الأمر بالسواك، ولا مشقة في وجوبه مرَّةً، وإنما المشقة في وجوب التكرار.

قال الحافظ رحمهُ اللهُ: وفي هذا البحث نظرٌ؛ لأن التكرار لم يؤخذ هنا من مجرد الأمر، وإنما أُخِذ من تقييده بـ "كلّ صلاة".

قال الجامع عفا الله عنه: القول باقتضاء الأمر التكرار عند خلُوّه عن القرينة هو الراجح؛ لأنه غالب أوامر الشرع، وقد أوضحت ذلك في "التحفة المرضيّة"، حيث قلت:

اخْتَلَفُوا هَلْ يَقْتَضي التَّكْرَارَ إِنْ … غَيْرَ مُقَيَّدٍ بِمَرَّةٍ يَبِنْ

أَوْ ضِدِّهَا أَوْ صِفَةٍ أَوْ شَرْطِ … قِيلَ نَعَمْ وَقِيلَ لَيْسَ يُعْطِي