قال الجامع عفا الله عنه: وأنا أقول: لا يليق بمثل القرطبيّ أن يتكلّم، ويُصدِرَ مثل هذا الحكم المخالف للنصوص الواضحة، فكيف يقول:"ولم يُرْوَ عنه - صلى الله عليه وسلم - .. إلخ" بعد أن شرح قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لأمرتهم بالسواك عند كلّ صلاة"؟ وهل الصلاة تكون في غير المسجد؟، وهل ثبت لديه أن جميع من كان معه - صلى الله عليه وسلم - في المسجد خرجوا من المسجد بعد إقامة الصلاة؛ لأجل السواك، إن هذا لهو العجب العجاب.
وهل بعد ما جاء من أن أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كانت سُوكهم خلف آذانهم، يستنّون بها لكلّ صلاة يُطلب بيّنة أوضح؟.
وبالجملة فالقول بأنه لا يستاك في المسجد قولٌ باطلٌ، منابذ للسنة الصحيحة.
وأما السواك في الملإ فسنّة ثبتت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقد أخرج البخاريّ في "صحيحه" حديث أبي موسى - رضي الله عنه - أنه قال:"أقبلت إلى النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، ومعي رجلان من الأشعريين، أحدهما عن يميني، والآخر عن يساري، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يستاك … " الحديث، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا ونعم الوكيل.
وبالسند المتصل إلى الإمام مسلم بن الحجاج رحمه الله تعالى المذكور أولَ الكتاب قال:
[٥٩٧]( … ) - (وَحَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ نَافِعٍ الْعَبْدِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَن، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ الْمِقْدَامِ بْنِ شُرَيْحٍ، عَنْ أَبِيه، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم -: "كَانَ إِذَا دَخَلَ بَيْتَهُ بَدَأَ بِالسِّوَاكِ").
رجال هذا الإسناد: ستة:
١ - (أَبُو بَكْرِ بْنُ نَافِعٍ الْعَبْدِيُّ) هو: محمد بن أحمد بن نافع الْعَبديّ البصريّ، مشهور بكنيته، صدوقٌ، من صغار [١٠](ت بعد ٢٤٠)(م ت س) تقدم في "الإيمان" ١٢/ ١٥٨.
٢ - (عَبْدُ الرَّحْمَنِ) بن مهديّ بن حسّان الْعَنْبريّ مولاهم، أبو سعيد البصريّ، ثقةٌ ثبتٌ حافظٌ حجة [٩](ت ١٩٨)(ع) تقدّم في "شرح المقدّمة" جـ ١ ص ٣٨٨.