للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قَالَ هَجِّدْنِي فَقَدْ طَالَ السُّرَى … وَقَدَرْنَا إِنْ خَنَا الدَّهْرِ غَفَلْ (١)

وقال الفيّوميّ رحمهُ اللهُ: هَجَدَ هُجُودًا، من باب قَعَدَ: نام بالليل، فهو هاجدٌ، والجمعُ: هُجُودٌ، مثلُ راقد ورُقُود، وقاعد وقُعُود، وواقف ووُقُوف، وهُجَّدٌ أيضًا، مثلُ رُكَع، وهَجَدَ أيضًا: صَلَّى بالليل، فهو من الأَضداد، وتَهَجّد: نام، وصَلَّى كذلك. انتهى (٢).

وقال النوويّ رحمهُ اللهُ في "شرحه": أما التهجد فهو الصلاة في الليل، ويقال: هَجَدَ الرجل: إذا نام، وتَهَجّد: إذا خرج من الْهُجُود، وهو النوم بالصلاة، كما يقال: تَحَنَّث، وتَأَثَّمَ، وتَحَرَّج: إذا اجتنب الْحِنثَ، والإثم، والْحَرَج. انتهى.

قال الجامع عفا الله عنه: ظاهر عبارة النوويّ أنه لا يرى هَجَدَ بمعنى صلّى، والحقّ ما سبق في عبارة الجوهريّ، والفيّوميّ من أن هَجَدَ، وتَهَجّد يُطلق كلّ منهما على النوم، وعلى الصلاة، فهما من الأضداد، فتنبّه، والله تعالى أعلم.

ووقع في رواية للبخاريّ في "الوضوء" بلفظ: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا قام من الليل"، ولم يقل: "ليتهجّد". قال ابن دقيق العيد رحمهُ اللهُ: فيه استحباب السواك عند القيام من النوم " لأن النوم مقتضٍ لتغيّر الفم لما يتصاعد إليه من أبخرة المعدة، والسواك آلة تنظيفه، فيُستحبّ عند مقتضاه. قال: وظاهر قوله: "من الليل" عامّ في كلّ حالة، ويَحْتَمِل أن يُخصّ بما إذا قام إلى الصلاة. انتهى.

قال الجامع عفا الله عنه: هذا الاحتمال الثاني هو الصواب؛ لأن رواية المصنّف هذه بلفظ: "إذا قام ليتهجّد" مقيّدة لإطلاقه، ويشهد لهذا أيضًا حديث ابن عبّاس - رضي الله عنهما - الآتي آخر الباب، حيث قال: "فتسوّك، وتوضّأ، ثم قام، فصلّى"، والله تعالى أعلم.

(يَشُوصُ) - بفتح الشين المعجمة، وسكون الواو، بعدها صاد مهملة -: أي يَدْلُكُ، و"الشَّوْصُ": دَلْك الأسنان بالسِّوَاك عَرْضًا قاله ابن الأعرابيّ،


(١) "الصحاح" ٢/ ٤٨٣.
(٢) "المصباح المنير" ٢/ ٦٣٤.