٦ - (ومنها): أن فيه ابن عبّاس - رضي الله عنهما - أحد العبادلة الأربعة، وأحد المكثرين السبعة، وأحد المشهورين بالفتوى، وقد تقدّم هذا غير مرّة، والله تعالى أعلم.
شرح الحديث:
عن أبي المتوكّل الناجيّ رَحِمَهُ اللهُ (أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ) - رضي الله عنهما - (حَدَّثَهُ، أَنَّهُ) أي ابن عبّاس (بَاتَ عِنْدَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - ذَاتَ لَيْلَةٍ) أي ليلة من الليالي، فـ "ذات" مقحمة (فَقَامَ نَبِيُّ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ) أي في آخره، فـ "من" بمعنى "في"، كما في قوله تعالى:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ}[الجمعة: ٩]، أي في يوم الجمعة (فَخَرَجَ) أي من البيت (فَنَظَرَ فِي السَّمَاءِ) أي إليها، فـ "في" بمعنى "إلى"، كما في قوله تعالى:{فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْوَاهِهِمْ} الآية [إبراهيم: ٩] أي إلى أفواههم (ثُمَّ تَلَا) أي قرأ النبيّ - صلى الله عليه وسلم - (هَذ الْآيَةَ فِي) سورة (آلِ عِمْرَانَ) وقوله: ({إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَار}) بدل من الآية محكيّ؛ لقصد لفظه (حَتَّى بَلَغَ {فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ}) ظاهره أنه ما أكمل قراءة الآيات إلى آخر السورة.
[فإن قلت]: هذا يعارضه ما سيأتي للمصنّف في "كتاب الصلاة"(١) مما يدلّ على أنه - صلى الله عليه وسلم - ختم السورة، فقد أخرجه، من طريق محمد بن عليّ بن عبد الله بن عباس، عن أبيه، عن عبد الله بن عباس، أنه رَقَد عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فاستيقظ، فتسوّك، وتوضأ، وهو يقول: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ (١٩٠)}، فقرأ هؤلاء الآيات حتى ختم السورة، ثم قام فصلى ركعتين، فأطال فيهما القيام والركوع والسجود، ثم انصرف، فنام حتى نفخ، ثم فَعَل ذلك ثلاث مرات، ست ركعات، كل ذلك يستاك، ويتوضأ، ويقرأ هؤلاء الآيات، ثم أوتر بثلاث، فأَذَّن المؤذن، فخرج إلى الصلاة، وهو يقول: "اللهم اجعل في قلبي نورًا، وفي لساني نورًا، واجعل في سمعي نورًا، واجعل في بصري نورًا، واجعل من خلفي نورًا، ومن أمامي