للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

نصّه: وقد وقع خلاف في علم الأصول والاصطلاح، هل هي صيغة رفع أو لا؟، والأكثرون أنها صيغة رفع إلى النبيّ -صلى الله عليه وسلم- إذا قالها الصحابيّ، مثلُ قوله: "أُمِرنا بكذا"، و"نُهينا عن كذا".

وإلى هذا أشار السيوطيّ في "ألفيّة الحديث" حيث قال:

وَلْيُعْطَ حُكْمَ الرَّفْعِ فِي الصَّوَابِ … نَحْوُ "مِنَ السُّنَّةِ" مِنْ صَحَابِي

كَذَا "أُمِرْنَا" وَكَذا "كُنَّا نَرَى … فِي عَهْدِهِ" أَوْ عَنْ إِضَافَةٍ عَرَى

ثَالِثُهَا إِنْ كَانَ لَا يَخْفَى وَفِي … تَصْرِيحِهِ بِعِلْمِهِ الْخُلْفُ نُفِي

قال: وقد صُرِّح في رواية أحمد، وأبي داود، والترمذيّ، والنسائيّ بأن الموقِّت هو النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، فارتفع الاحتمال، لكن في إسنادها صدقة بن موسى، أبو المغيرة، ويقال: أبو محمد السلميّ البصريّ الدقيقيّ، قال يحيى بن معين: ليس بشيء، وقال مرّةً: ضعيفٌ، وقال النسائيّ: ضعيف، وقال الترمذيّ: ليس بالحافظ، وقال أبو حاتم الرازيّ: ليّن الحديث، يُكتب حديثه، ولا يُحتجّ به، ليس بالقويّ، وقال أبو حاتم ابن حبّان: كان شيخًا صالحًا، إلا أن الحديث لم يكن من صِناعته، فكان إذا روى قَلَب الأخبار حتى خرج عن حدّ الاحتجاج به. انتهى كلام الشوكانيّ رَحِمَهُ اللهُ بزيادة (١).

قال الجامع عفا الله عنه: قوله: "لكن في إسنادها صدقة .. إلخ" رواية النسائيّ ليس فيها صدقة، فقد أخرجه عن قتيبة، عن جعفر بن سليمان، عن أبي عمران الْجَونيّ، عن أنس بن مالك، قال: وَقَّت لنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- … الحديث، فقد زالت العلّة، وثبت صحّة التصريح بأنه -صلى الله عليه وسلم- هو الموقّت -والحمد لله-.

وقال في "الفتح": وأما ما أخرجه مسلم من حديث أنس: "وُقت لنا في قصّ الشارب، وتقليم الأظفار، ونتف الإبط، وحلق العانة أن لا يُتْرَك أكثر من أربعين يومًا"، كذا "وُقِّت" فيه على البناء للمجهول، وأخرجه أصحاب السنن بلفظ: "وَقَّت لنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-"، وأشار العقيليّ إلى أن جعفر بن سليمان الضبعي تفرد به، وفي حفظه شيء، وصَرَّح ابن عبد البر بذلك، فقال: لم يروه غيره، وليس بحجة.


(١) راجع "نيل الأوطار" ١/ ١٦٩.