للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقال الفيّوميّ - رَحِمَهُ اللهُ -: عفا الشيءُ: كثُر، وفي التنزيل: {حَتَّى عَفَوْا} أي كثُروا، وعَفَوته: كثّرته، يتعدّى، ولا يتعدّى، ويُعدّى بالهمزة، فيقال: أعفيته، وقال السَّرَقُسْطيّ: عَفَوتُ الشعرَ أعفوه عَفْوًا، وعفيته أَعفيه عَفْيًا: تركته حتى يكثُر، ويطول، ومنه: "أحفوا الشوارب، وأعفوا اللّحَى"، يجوز استعماله ثلاثيًّا، ورباعيًّا. انتهى (١).

وقال النوويّ في "شرحه": قوله - صلى الله عليه وسلم -: "أحفوا الشوارب، وأعفوا اللحى"، وفي الرواية الأخرى: "وأوفوا اللحى"، هو بقطع الهمزة في "أحفوا، وأعفوا، وأوفوا"، وقال ابن دريد: يقال أيضًا: حَفَا الرجل شاربه يَحفوه حَفْوًا: إذا استأصل أخذ شعره، فعلى هذا تكون همزة "أحفوا" همزة وصل، وقال غيره: عفوت الشعر، وأعفيته لغتان، قال: وأما "أوفوا" فهو بمعنى "أعفوا": أي اتركوها وافيةً كاملةَ لا تقُصّوها، قال: وأما قوله: "وأرخوا" فهو أيضًا: بقطع الهمزة، وبالخاء المعجمة، ومعناه: اتركوها، ولا تتعرضوا لها بتغيير، وذكر القاضي عياض أنه وقع في رواية الأكثرين كما ذكرنا، وأنه وقع عند ابن ماهان "أرجوا" بالجيم، قيل: هو بمعنى الأول، وأصله أرجؤا بالهمز، فحذفت الهمزة تخفيفًا، أي فهو كقوله تعالى: {تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ} [الأحزاب: ٥١] (٢)، ومعناه: أَخّروها، واتركوها، وجاء في رواية البخاريّ: "وَفّروا اللّحَى"، فحصل خمس روايات: "أعفوا"، و"أوفوا"، و"أرخوا"، و"أرجوا"، و"وفروا"، ومعناها كلها: تركها على حالها. هذا هو الظاهر من الحديث الذي تقتضيه ألفاظه، وهو الذي قاله جماعة من أصحابنا وغيرهم من العلماء. انتهى (٣).

وقال في "الفتح": "اللّحَى" - بكسر اللام، وحُكِي ضمّها، والكسر أفصح، وبالقصر والمدّ -: جمع لِحية بالكسر فقط، وهو اسم لِمَا نبت على الخدّين والذَّقَن. انتهى (٤).

وقال في "اللسان": "اللِّحْيَةُ": اسمٌ يَجمع ما نبت على الخدّين والذّقَن،


(١) "المصباح المنير" ٢/ ٤١٩.
(٢) راجع "طرح التثريب" ١/ ٢٤٨.
(٣) "شرح النوويّ" ٣/ ١٥١.
(٤) "شرح النوويّ" ٣/ ١٥١، و "الفتح" ١٠/ ٣٦٢.