الوصول إليك؛ خوفًا من هؤلاء الكفّار (إِلا فِي أَشْهُرِ الْحُرُمِ) أي الأربعة: ذي القعدة، وذي الحجة، والمحرّم، ورجب مضر، فالثلاثة سرْدٌ، وواحد فرد (فَمُرْنَا بِأَمْرٍ، نَأْمُرُ بِهِ مَنْ وَرَاءَنَا) تقدّم الكلام في هذه الجملة، وأنه يجوز رفع "نأمر"، وجزمه، وكذا قوله:(وَنَدْخُلُ بهِ الْجَنَّةَ، إِذَا نَحْنُ أَخَذْنَا بِهِ) أي إذا عَمِلنا بما تأمرنا به (فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "آمرُكُمْ بِأَرْبَعٍ") أي أربع خصال، أو أربع جُمَلٍ (وَأَنْهَاكُمْ عَنْ أَرْبَعٍ) أي عن الانتباذ في أربع أوعية، ثم فصّل الأربع الأُوَلَ، فقال (اعْبُدُو اللهَ) قال الحافظ ابن كثير رحمه الله تعالى: عبادته هي طاعته بفعل المأمور، وترك المحظور، وذلك هو حقيقة دين الإسلام؛ لأن معنى الإسلام: الاستسلام لله تعالى المتضمّن غاية الانقياد، والذلّ، والخضوع. انتهى.
وقال شيخ الإسلام ابن تيميّة رحمه الله تعالى: العبادة هي طاعة الله تعالى بامتثال ما أمر الله به على ألسنة الرسل عليهم الصلاة والسلام.
وقال أيضًا: العبادة اسم جامع لكلّ ما يُحبّه الله تعالى ويرضاه، من الأقوال والأعمال، الظاهرة والباطنة.
وقال العلامة ابن القيّم رحمه الله تعالى: ومدارها على خمس عشرة قاعدةً، من كملها كمل مراتب العبوديّة، وبيان ذلك أن العبادة منقسمة على القلب واللسان والجوارح، والأحكامُ التي للعبوديّة خمسة: واجبٌ، ومستحبّ، وحرام، ومكروه، ومباح، وهنّ لكلّ واحد من القلب، واللسان، والجوارح.
ولقد أجاد رحمه الله تعالى حيث قال في "نونيّته"[من الكامل]: