للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أَصْحَابُ الْيَمِينِ (٢٧)} [الواقعة: ٢٧]، {وَنَادَيْنَاهُ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ} [مريم: ٥٢]، ولما فيه من الْيُمْن والبركة، وهو من باب التفاؤل، ونقيضه الشمال، ويؤخذ من الحديث احترام اليمين وإكرامها، فلا تُستعمل في إزالة شيء من الأقذار، ولا في شيء من خسيس الأعمال، وقد نهى - صلى الله عليه وسلم - عن الاستنجاء، ومسّ الذكر باليمين. انتهى (١).

٥ - (ومنها): استحباب البدء باليمين في شيء يكون من باب التكريم، قال النوويّ رحمه الله: هذه قاعدة مستمرّة في الشرع، وهي أن ما كان من باب التكريم والتشريف، كلبس الثوب، والسراويل، والخفّ، ودخول المسجد، والسواك، والاكتحال، وتقليم الأظفار، وقصّ الشارب، وترجيل الشعر، وهو مَشْطُهُ، ونَتْف الإبط، وحلق الرأس، والسلام من الصلاة، وغسل أعضاء الطهارة، والخروج من الخلاء، والأكل والشرب، والمصافحة، واستلام الحجر الأسود، وغير ذلك، مما هو في معناه، يستحب التيامن فيه، وأما ما كان بضدّه، كدخول الخلاء، والخروج من المسجد، والامتخاط، والاستنجاء، وخلع الثوب، والسراويل، والخفّ، وما أشبه ذلك، فيُستحَبّ التياسر فيه، وذلك كله بكرامة اليمين وشرفها.

قال: (واعلم): أن الابتداء باليسار، وإن كان مُجْزِيًا فهو مكروه، نَصَّ عليه الشافعيّ، وهو ظاهرٌ، ثم ذكر الحديث الآتي: "ابدؤوا بأيامنكم"، قال: فهذا نصّ في الأمر بتقديم اليمين، ومخالفته مكروهة، أو محرّمة.

قال: ثم (اعلم): أن من أعضاء الوضوء ما لا يستحب فيه التيامن، وهو الأذنان، والكفّان، والخدان، بل يُطَهَّران دَفْعَةً واحدةً، فإن تعذّر ذلك كما في حقّ الأقطع ونحوه، قُدِّم اليمين، والله تعالى أعلم. انتهى كلام النوويّ رحمه الله (٢).

٦ - (ومنها): ما قاله في "المنهل": ومما يُطلب استعمال اليد اليسرى فيه حمل النعل، فما يقع من بعض أهل العلم، وغيرهم، من حملهم كتبهم بشمائلهم، ونعالهم بأيمانهم مخالف للسنّة المطهّرة، قال في "شرح المشكاة": وكثيرًا ما رأينا عوامّ طلبة العلم يأخذون الكتب باليسار، والنعال باليمين، إما لجهلهم، أو


(١) "المفهم" ١/ ٥١١.
(٢) "شرح النوويّ" ٣/ ١٦٠ - ١٦١.