للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقال في "العمدة": الغلام: هو الذي طرّ شاربه، وقيل: من حين يولد إلى أن يشيب (١)، وزعم الزمخشريّ أن الغلام هو الصغير إلى حدّ الالتحاء، فإن أُجري بعدما صار ملتحيًا اسم الغلام فهو مجازٌ، ويُروى عن عليّ بن أبي طالب - رضي الله عنه - في بعض أراجيزه:

أَنَا الْغُلَامُ الْهَاشِمِيُّ الْمَكِّي

وقالت ليلى الأخيليّة في الحجّاج [من الطويل]:

غُلَامٌ إِذَا هَزَّ الْقَنَاةَ تَبَاهِيَا

قال: وقال بعضهم: يستحقّ هذا الاسم إذا ترعرع، وبلغ حدّ الاحتلام بشهوة النكاح، كأنه يشتهي النكاح ذلك الوقت، ويُسمّى قبل ذلك تفاؤلًا، وبعد ذلك مجازًا، وفي "المخصّص": هو غلام من لدن فطامه إلى سبع سنين، وعن أبي عبيدة: هو المترعرع المتحرّك، والجمع أغلمة، وغِلْمة، وغلمان، والأنثى غلامة، انتهى (٢).

[تنبيه]: قيل: الغلام المذكور يحتمل أن يكون ابن مسعود - رضي الله عنه -، وقوّاه الحافظ في "الفتح"، لكن يُبعده قول أنس - رضي الله عنه - عند البخاريّ: "منّا"، وعند الإسماعيليّ: "من الأنصار"، وما أجاب به الحافظ تكلّف ظاهر.

ويحتمل أن يكون أبا هريرة - رضي الله عنه -؛ لما في رواية أبي داود، من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: "كان النبيّ - صلى الله عليه وسلم - إذا أتى الخلاء أتيته بماء في ركوة، فاستنجى"، ونحوه للبخاريّ في "ذكر الجنّ"، وفيه ما في الذي قبله.

ويحتمل أن يكون جابرًا - رضي الله عنه -؛ لما في حديث جابر - رضي الله عنه - الطويل عند مسلم أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - انطلق لحاجته، فاتّبعه جابر بإداوة، ولا سيّما، وهو أنصاري، وفيه ما سبق.

قال الجامع عفا الله عنه: هكذا ذكر هذه الاحتمالات في "الفتح"، وعندي أنه لا داعي إلى هذه التكلّفات التي لا يقبلها الذوق السليم، وأيُّ مانع


(١) قد نظمت أبياتًا، بيّنت فيها أطوار المولود من حين كونه جنينًا في بطن أمه، إلى آخر شيخوخته، تقدّمت في "شرح المقدّمة"، فراجعها تستفد، وبالله تعالى التوفيق.
(٢) "عمدة القاري" ٢/ ٤٣٩ - ٤٤٠.