للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

من أن نقول: إنه غلام أنصاريّ من أقران أنس - رضي الله عنه -، من المراهقين، وما الذي اضطرّنا إلى معرفة عينه، حتى نتكلّف هذه التكلّفات الباردة؟.

ومما يوهن هذه الاحتمالات قول أنس - رضي الله عنه - هنا: "هو أصغرنا"، فهل ابن مسعود، أو أبو هريرة، أو جابر أصغر من أنس؟ سبحان الله!!، إن هذا لشيء عجيب!!!، والله تعالى المستعان.

وقوله: (مَعَهُ) بفتح العين المهملة، وتُسكّن، قال في "المحكم": "مع" اسم معناه الصحبة، متحرّكة، وساكنة، غير أن المتحرّكة العين تكون اسمًا وحرفًا، والساكنة العين تكون حرفًا لا غير، ويجوز هنا تسكين العين، وعند اجتماعها بالألف واللام تُفتح العين، وتكسر، فيقال: معَ القوم، فتحًا وكسرًا، وقال الجوهريّ: "مع" للمصاحبة، وقد تسكّن، وتنوّن، فيقال: جاؤوا معًا.

انتهى (١). وإلى هذه القاعدة أشار ابن مالك رحمه الله في "الخلاصة" حيث قال:

وَ"مَعَ" "مَعْ" فِيهَا قَلِيلٌ وَنُقِلْ … فَتْحٌ وَكَسْرٌ لِسُكُونٍ يَتَّصِلْ

(مِيضَأَةٌ) وفي نسخة: "ومعه ميضأة"، والجملة في محلّ رفع صفة لـ"غلام".

و"الْمِيضأة": - بكسر الميم، وبهمزة، بعد الضاد المعجمة، ويمدّ، ويُقصَر -: هي الإناء الذي يُتوضّأ به كالركوة، والإبريق، وشبههما (٢).

وأصله: مِوْضأة - بكسر الميم، وسكون الواو -؛ لأنه من وَضُؤَ، فقُلبت الواو ياء؛ لوقوعها ساكنة بعد كسرة.

(هُوَ أَصْغَرُنَا) هذا يردّ قول مَن قال: إن الغلام هو ابن مسعود، أو أبو هريرة، أو جابر، كما مرّ آنفًا (فَوَضَعَهَا) أي الميضأة (عِنْدَ سِدْرَةٍ) بكسر، فسكون: شجرة النَّبِق، والجمع سِدَرٌ، ثم يُجمع على سِدَرَات، فهو جمع الجمع، وتُجمع السِّدْرة أيضًا على سِدْرَان بالسكون؛ حملًا على لفظ الواحد، قال ابن السّرّاج: وقد يقولون: سِدْرٌ، ويريدون الأقلّ؛ لقلّة استعمالهم التاء في هذا الباب، وإذا أُطلق السِّدْر في الغسل، فالمراد الْوَرَقُ المطحون، والسِّدْر


(١) راجع "عمدة القاري" ٣/ ٤٤٠.
(٢) "شرح النوويّ" ٣/ ١٦٣، و"المصباح المنير" ٢/ ٦٦٣.