للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الحربة، وتُسمّى الْعَنزَة، كان النجاشيّ أهداها للنبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فكانت تقام بين يديه إذا خرج إلى المصلّى، وتوارثها من بعده الخلفاء - رضي الله عنهم -.

وفي "الطبقات" أهدى النجاشيّ إلى النبيّ - صلى الله عليه وسلم - ثلاث عَنَزَات، فأمسك واحدة لنفسه، وأعطى عليًّا واحدة، وأعطى عمر واحدة (١).

وأخرج البخاريّ رحمه الله في "كتاب المغازي" من "صحيحه" عن هشام بن عروة، عن أبيه، قال: قال الزبير: لقيت يوم بدر عُبيدة بن سعيد بن العاص، وهو مُدَجَّج، لا يُرَى منه إلا عيناه، وهو يُكنَى أبو ذات الكَرِش، فقال: أنا أبو ذات الكَرِش، فحَمَلت عليه بالْعَنَزة، فطعنته في عينه فمات، قال هشام: فأُخبرت أن الزبير قال: لقد وضعت رجلي عليه، ثم تمطأت، فكان الجهد أن نزعتها، وقد انثنى طرفاها، قال عروة: فسأله إياها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأعطاه، فلما قُبض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أخذها، ثم طلبها أبو بكر، فأعطاه، فلما قُبض أبو بكر سألها إياه عمر، فأعطاه إياها، فلما قُبض عمر أخذها، ثم طلبها عثمان منه، فأعطاه إياها، فلما قُتل عثمان وقعت عند آل عليّ، فطلبها عبد الله بن الزبير، فكانت عنده حتى قُتل. انتهى.

[تنبيه]: الحكمة في حمل العنزة كثيرة:

(منها): ليصلّي إليها في الفضاء.

(ومنها): ليتّقي بها كيد المنافقين واليهود، فإنهم كانوا يرومون قتله، واغتياله بكلّ حالة، ومن أجل هذا اتّخذ الأمراء المشي أمامهم بها.

(ومنها): اتقاء السبع، والمؤذيات من الحيوانات.

(ومنها): نبش الأرض الصلبة عند قضاء الحاجة خشيةَ الرشاش.

(ومنها): تعليق الأمتعة.

(ومنها): التوكؤ عليها.

(ومنها): ما قاله بعضهم: إنها تُحمل ليستتر بها عند قضاء الحاجة، قال العينيّ: وهذا بعيد؛ لأن ضابط السترة في هذا ما يستر الأسافل، والعنزة ليست كذلك. انتهى (٢).


(١) "عمدة القاري" ٢/ ٤٤٤.
(٢) "عمدة القاري" ٢/ ٤٤٥.