للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

عند الطبرانيّ من طريق جعفر بن الحارث، عن الأعمش، وعند الترمذيّ من رواية شهر بن حوشب، أنه الذي قال له ذلك، فيحتمل أن يكون كلّ منهما قال له، والله تعالى أعلم. (تَفْعَلُ هَذَا؟) بتقدير همزة الاستفهام، وفي نسخة: "أتفعل هذا؟ " بإثباتها، ولفظ النسائيّ: "أتمسح؟ "، وفي رواية أبي عوانة: "أتفعل، وأنت صاحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ فقال: وما يمنعني، وقد رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يمسح على الخفّين؟ "، وفي رواية الطبرانيّ من طريق زائدة، عن الأعمش: "فعاب عليه ذلك رجلٌ من القوم" (١).

وإنما أنكر ذلك عليه؛ لاعتقاده أن المسح على الخفّين منسوخٌ بآية المائدة (فَقَالَ) جرير - رضي الله عنه - ردًّا على المنكر، ومبيّنًا له مستنده في ذلك (نَعَمْ) أي أمسح عليهما، وقوله: (رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - بَالَ، ثُمَّ تَوَضَّأَ، وَمَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ) جملة تعليليّة؛ أي إنما فعلت ذلك لأني رأيته - صلى الله عليه وسلم - يفعله (قَالَ الأَعْمَشُ: قَالَ إِبْرَاهِيمُ) النخعيّ (كَانَ يُعْجِبُهُمْ) الضمير لأصحاب عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه -، ففي الرواية التالية: "فكان أصحاب عبد الله يُعجبهم .. إلخ" (هَذَا الْحَدِيثُ) أي حديث جرير - رضي الله عنه - في "المسح"، وفي رواية النسائيّ: "يُعجبهم قول جرير" (لِأَنَّ إِسْلَامَ جَرِيرٍ كَانَ بَعْدَ نُزُولِ الْمَائِدَةِ) أي في رمضان من السنة العاشرة، وكان نزولها في غزوة بني المصطلق سنة أربع، أو خمس من الهجرة.

وفي رواية النسائيّ: "وكان إسلام جرير قبل موت النبيّ - صلى الله عليه وسلم - بيسير"، وعند الطبرانيّ من رواية محمد بن سيرين، عن جرير: "إن ذلك كان في حجة الوداع".

وفي رواية أبي داود: أن جريرًا بال، ثم توضّأ، فمسح على الخفين، وقال: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يمسح، قالوا: إنما كان ذلك قبل نزول المائدة، قال: ما أسلمت إلا بعد نزول المائدة (٢).

وفي رواية الترمذيّ من رواية شهر بن حوشب، قال: رأيت جرير بن عبد الله توضّأ، ومسح على خفيه، فقلت له في ذلك؟ فقال: رأيت النبيّ - صلى الله عليه وسلم -


(١) راجع "الفتح" ١/ ٥٩٠، و"عمدة القاري" ٤/ ١٧٨.
(٢) "سنن أبي داود" ١/ ١١٨.