(فَقَالَ نَبِيُّ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "وَإِنْ أَكلَتْهَا الْجِرْذَانُ، وَإِنْ أَكَلَتْهَا الْجِرْذَانُ، وَإِنْ أَكَلَتْهَا الْجِرْذَانُ) كرّره ثلاث مرّات للتأكيد (قَالَ) أبو سعيد - رضي الله عنه - (وَقَالَ نَبِيُّ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - لِأَشَجِّ عَبْدِ الْقَيْسِ) تَقدّم الاختلاف في اسمه، وأن الصحيح المشهور هو المنذر بن عائذ الْعَصَرِيّ - رضي الله عنه - ("إِنَّ فِيكَ لَخَصْلَتَيْن") اللام هي لام الابتداء المزحلقة عن موضعها؛ إذ الأصل أن تكون مع "إِنَّ"، فكرهوا توالي حرفي تأكيد، فأخّروها عنها، كما أشار إلى ذلك في "الخلاصة":
والمراد بالخصلة هنا: الفضيلة، قال في "القاموس": "الْخَصلَةُ" الْخَلَّةُ، والْفَضِيلَةُ، والرَّذِيلَةُ، أو قد غَلَبَ على الْفَضِيلة، جمعه: خِصال. انتهى (١).
(يُحِبُّهُمَا اللهُ) جملة في محلّ نصب صفة لـ "خصلتين"، وقوله:(الْحِلْمُ وَالْأَنَاةُ) بالنصب على البدليّة من "خصلتين"، ويجوز القطع إلى الرفع على الخبرية لمبتدإ محذوف: أي هما الحلم والأناة، والنصب، بتقدير "أعني"، وقد تقدّم في الحديث الماضي معنى الحلم بأنه العقل، والأَناةِ بأنه التَّثَبُّتُ، وترك العجلة، وذكرنا سبب قوله - صلى الله عليه وسلم - له ذلك، فراجعه تستفد. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسألتان تتعلقان بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث أبي سعيد الخدريّ - رضي الله عنه - هذا تفرّد به المصنّف رحمه الله تعالى.
(المسألة الثانية): في تخريجه:
أخرجه المصنف هنا (٦/ ١٢٦) عن يحيى بن أيوب، عن ابن عليّة و (٦/ ١٢٧) عن محمد بن المثنّى، وابن بشّار كلاهما عن ابن أبي عديّ، وكلاهما عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد - رضي الله عنه -، و (٦/ ١٢٨) عن محمد بن بكار، عن أبي عاصم، (ح) عن محمد بن رافع، عن