لإخراجه - صلى الله عليه وسلم - يديه من تحت الجبة، ولم يَكْتَفِ فيما بقي منهما بالمسح عليه، وما أكثر تساهل العوامّ في هذه المسألة، فترى بعضهم لا يعتنون بإكمال محلّ الفرض في الغسل، ولا سيّما إذا كانت عليهم ثيابٌ ضيّقةٌ، فلا حول ولا قوّة إلا بالله العزيز الحكيم.
١٥ - (ومنها): أنه يُستَدَلّ به للمذهب الصحيح القائل بوجوب تعميم الرأس بالمسح، وهو مذهب مالك، والبخاريّ، لكونه - صلى الله عليه وسلم - كَمَّلَ بالمسح على العمامة، ولم يَكْتَف بالمسح على ناصيته فقط، وقد تقدّم في المسائل المذكورة في "باب صفة الوضوء" أن هذا المذهب هو الحقّ، وحاصله أن تعميم الرأس بالمسح واجب، ولكن لا يجب على الشعر فقط، بل على الرأس، وما عليه من العمامة، ونحوها، والله تعالى أعلم.
١٦ - (ومنها): ما قال القرطبيّ رحمه الله: فيه دليلٌ على أن يسير التفريق في الطهارة لا يُفسدها، قال أبو محمد عبد الوهّاب: لا يُختَلف في أن التفريق غير المتفاحش لا يُفسد الوضوء، واختُلف في الكثير المتفاحش، فرُوي عن ابن وهب أنه يُفسده في العمد والسهو، وهو أحد قولي الشافعيّ، وحُكي عن ابن عبد الحكم أنه لا يُفسده في الوجهين، وبه قال أبو حنيفة، والشافعيّ في قول آخر، وعند ابن القاسم أنه يُفسده مع العمد، أو التفريط، ولا يُفسده مع السهو، وقال أبو الفضل عياضٌ: إن مشهور المذهب أن الموالاة سنّةٌ، وهذا هو الصحيح؛ بناءً على ما تقدّم من أن الفرائض محصورة في الآية، وليس في الآية ما يدلّ على الموالاة، وإنما أُخذت من فعل النبيّ - صلى الله عليه وسلم -؛ إذ لم يُروَ عنه قطّ أنه فرّق تفريقًا متفاحشًا، واختلف في الفرق بين اليسير والكثير، فقيل: ذلك يرجع إلى الاجتهاد، وليس فيه حدّ، وقيل: جفاف الوضوء هو الكثير. انتهى (١).
قال الجامع عفا الله عنه: الأرجح عندي أن الموالاة من مستحبّات الوضوء؛ لأنه لم يَرِد ما يدلّ على وجوبه، فتبصّر، والله تعالى أعلم.
١٧ - (ومنها): مشروعيّة خدمة أهل العلم والفضل.
١٨ - (ومنها): جواز اقتداء الفاضل بالمفضول، وجواز صلاة النبيّ - صلى الله عليه وسلم -