للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال ابن بطال رحمه الله: فيه رحمة العالم، وأن للخادم أن يَقْصِد إلى ما يَعرِف من عادة مخدومه قبل أن يَأمره، وفيه الفهم عن الإشارة، وردّ الجواب عما يُفْهَم عنها؛ لقوله: فقال: "دعهما". انتهى (١).

وقوله: (لِأَنْزِعَ خُفيْهِ) بكسر الزاي، من باب ضرب.

وقوله: (دَعْهُمَا) أي اترك الخفّين.

وقوله: (فَإِنِّي أَدْخَلْتُهُمَا) أي القدمين، قال ابن الملقّن رحمه الله: الضمير في قوله: "دَعْهما" للخفّين، وفي قوله: "أدخلتهما" للرجلين، فا لضميران مختلفان. انتهى (٢).

وقوله: (طَاهِرَتَيْنِ) قال في "الفتح": كذا للأكثر، وللكشميهنيّ: "وهما طاهرتان"، ولأبي داود: "فإني أدخلت القدمين الخفين، وهما طاهرتان"، وللحميديّ في "مسنده": قلت: يا رسول الله، أيَمْسَح أحدنا على خفيه؟ قال: "نعم إذا أدخلهما، وهما طاهرتان"، ولابن خزيمة من حديث صفوان بن عَسّال: أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن نَمْسَح على الخفين إذا نحن أدخلناهما على طهر ثلاثًا، إذا سافرنا، ويومًا وليلةً إذا أقمنا قال ابن خزيمة: ذكرته للمزنيّ، فقال لي: حدَّث به أصحابنا، فإنه أقوى حجة للشافعي. انتهى.

وحديث صفوان، وإن كان صحيحًا لكنه ليس على شرط البخاريّ، لكن حديث الباب موافق له في الدلالة على اشتراط الطهارة عند اللبس، وأشار المزنيّ بما قال إلى الخلاف في المسألة.

ومحصله: أن الشافعي والجمهور حملوا الطهارة على الشرعية في الوضوء، وخالفهم داود، فقال: إذا لم يكن على رجليه نجاسة عند اللبس، جاز له المسح، ولو تيمم ثم لبسهما لم يُبَح له عندهم؛ لأن التيمم مبيح لا رافع، وخالفهم أصبغ.

قال الجامع عفا الله عنه: قد حقّقنا في "شرح النسائيّ"، أن الراجح كون التيمّم رافعًا، لا مبيحًا، وسيأتي البحث هنا في محلّه - إن شاء الله تعالى -.


(١) "الفتح" ١/ ٣٧٠.
(٢) "الإعلام بفوائد عمدة الأحكام" ١/ ٦١٣.