للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(عَنْ ذِرَاعَيْه، فَضَاقَ كُمُّ الْجُبَّةِ) - بضمّ الكاف، وتشديد الميم -: مدخل اليد، ومخرجها من الثوب، جمعه أكمام، وكِمَمَة - بكسر، ففتح - كعِنبَةٍ (١).

والمعنى أنه - صلى الله عليه وسلم - لَمّا أراد أن يشمّر الثوب عن ذراعه؛ ليمكنه غسلهما ضاق عليه الكمّ (فَأَخْرَجَ يَدَهُ) المراد جنس اليد، فيشمل اليدين، وفي رواية أبي داود: "ثم حسر عن ذراعيه، فضاق كُمَّا جبّته، فأدخل يديه، فأخرجهما من تحت الجبّة، فغسلهما إلى المرفق" (مِنْ تَحْتِ الْجُبَّة، وَأَلْقَى الْجُبَّةَ عَلَى مَنْكِبَيْهِ) - بفتح الميم، وكسر الكاف، بوزن مَجْلِس -: مُجْتَمَع رأس الكتف والْعَضُد (٢) (وَغَسَلَ ذِرَاعَيْه، وَمَسَحَ بِنَاصِيَتِهِ) قال في "القاموس": الناصية، والناصاة: قُصَاصُ الشعر. انتهى (٣). (وَعَلَى الْعِمَامَةِ) أي ومسح على العمامة مع الناصية، ففيه تكميل مسح الرأس بالعمامة، فليس فيه حجة لمن قدّر مسح الرأس بربعه؛ لأنه ما اكتفى بمسح الناصية، بل أكمله بمسح العمامة، فيكون دليلًا لمن يرى وجوب تعميم الرأس بالمسح، إما مباشرة، أو بما عليه من العمامة ونحوه.

وقال النوويّ رحمه الله: هذا مما احتجّ به أصحابنا على أن مسح بعض الرأس يكفي، ولا يشترط الجميع؛ لأنه لو وجب الجميع لَمَا اكتفى بالعمامة عن الباقي؛ فإن الجمع بين الأصل والبدل في عضو واحد لا يجوز، كما لو مَسَحَ على خفّ واحد، وغسل الرجل الأخرى، وأما التتميم بالعمامة فهو عند الشافعيّ، وجماعة على الاستحباب؛ لتكون الطهارة على جميع الرأس، ولا فرق بين أن يكون لَبِس العمامة على طهر، أو على حدث، وكذا لو كان على رأسه قلنسوة، ولم ينزعها مسح بناصيته، ويستحب أن يُتِمّ على القلنسوة كالعمامة.

ولو اقتصر على العمامة، ولم يمسح شيئًا من الرأس لم يُجْزِه ذلك عندنا بلا خلاف، وهو مذهب مالك، وأبي حنيفة، وأكثر العلماء رحمهم الله تعالى.

وذهب أحمد بن حنبل رحمه الله إلى جواز الاقتصار، ووافقه عليه جماعة من السلف. انتهى.


(١) راجع "المصباح المنير"، و"المعجم الأوسط" في مادّة كم.
(٢) "القاموس المحيط" ص ١٢٩، و"المصباح" ٢/ ٦٢٤.
(٣) "القاموس" ص ١٢٠٥.