(فَإنَّهُ) الفاء تعليليّة، أي لأن عليًّا - رضي الله عنه - (كَانَ يُسَافِرُ مَعَ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -) أي فيكون أعَلم بالحكم منّي؛ لملازمته سفرًا وحضرًا، ومن لازم شخصًا فيهما يكون أعلم بشؤونه كلها ممن لا يلازمه إلا في الحضر.
[فإن قلت]: كانت عائشة - رضي الله عنها - ممن لا يسافر معه، فكيف قالت:"كان يسافر معه"؟.
[أجيب]: بأنها ما كانت تسافر معه مثل عليّ - رضي الله عنه -، بدليل قولها: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أراد سفرًا أقرع بين نسائه، فمن خرجت قرعتها، فأيّتُهُنّ خرج سهمها، خرج بها معه … الحديث، متّفقٌ عليه، ففيه دلالة على أنها ما كانت تسافر معه - صلى الله عليه وسلم - إلا إذا خرجت قرعتها، مثل غزوة بني الْمُصْطَلِق، التي وقعت فيها قصّة الإفك المشهورة، والله تعالى أعلم.
وفي الرواية التالية:"فإنه أعلم بذلك منّي".
(فَسَأَلْنَاهُ) عطف على محذوف، أي أتيناه، فسألناه، وفي رواية النسائيّ:"فأتيت عليًّا، فسألته عن المسح"(فَقَالَ) عليّ - رضي الله عنه - مجيبًا عن المسألة (جَعَلَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -) وفي رواية النسائيّ: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يأمرنا أن يمسح المقيم يومًا وليلةً، والمسافر ثلاثًا"(ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيَهُنَّ) بالنصب بالفتحة الظاهرة على الياء عطفًا على "ثلاثة"(لِلْمُسَافِرِ) متعلّق بـ "جَعَلَ"، أي حدّد مدّة مسحِ المسافر بثلاثة أيام ولياليهنّ، بحيث لا يجوز أن يتجاوزها وقوله:(وَيَوْمًا وَلَيْلَةً لِلْمُقِيمِ) معطوف على ما قبله عطف معمولين على معمولي عامل واحد؛ لأن "يومًا" عطف على "ثلاثة"، وهو ظرف لـ "جَعَل"، و"للمقيم" عطف على "للمسافر"، وهو متعلّق بـ "جَعَل" أيضًا، فالعامل واحد، وهذا جائز باتّفاق النحاة، كما هو موضّح في محلّه.
(قَالَ) القائل عبد الرزّاق (وَكَانَ سُفْيَانُ) أي الثوريّ الراوي عن عمرو هنا (إِذَا ذَكَرَ) بالبناء للفاعل، والفاعل ضمير سفيان، وقوله:(عَمْرًا) منصوب على المفعوليّة، وفي بعض النسخ:"إذا ذُكر عمرو" ببناء الفعل للمفعول، ورفع عمرو على أنه نائب فاعله (أَثْنَى عَلَيْهِ) أي مدحه، قال الفيّوميّ رحمه الله: أثنيتُ على زيد بالألف، والاسم: الثناء - بالفتح والمدّ -، يقال: أثنيتُ عليه خيرًا وبخير، وأثنيتُ عليه شرًّا، وبشرّ؛ لأنه بمعنى: وَصَفته، هكذا نَصَّ عليه