للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال السنديّ رحمه الله: الظاهر أن المقصود: إذا شكّ أحدكم في يديه مطلقًا، سواء كان لأجل الاستيقاظ من النوم، أو لأمر آخر، إلا أنه فَرَضَ الكلامَ في جزئيٍّ واقع بينهم على كثرة؛ ليكون بيان الحكم فيه بيانًا في الكلّيّ بدلالة العقل، ففيه إحالةٌ للأحكام إلى الاستنباط، ونَوْطُهُ بالعلل، فقالوا في بيان سبب الحديث: إن أهل الحجاز كانوا يستنجون بالحجارة، وبلادهم حارّة، فإذا نام أحدهم عَرِقَ، فلا يَأْمَنُ حالةَ النوم أن تطوف يده على ذلك الموضع النجس، فنهاهم عن إدخال يده في الماء. انتهى كلام السنديّ (١).

قال الجامع عفا الله عنه: قوله: "الموضع النجس" فيه نظر لا يخفى، كيف يكون نجسًا وقد استنجى بالحجارة؟ والشرع أمر بالاستنجاء بها، وجعل ذلك مطهّرًا للموضع، ولا عبرة بما يبقى بعد الاستنجاء بشرطه، كما سبق في موضعه، فلا وجه لادّعاء نجاسة الموضع بعد أن حكم الشرع بطهارته، فتبصّر، ولا تكن أسير التقليد، والله تعالى الهادي إلى سواء السبيل.

(أَحَدُكُمْ مِنْ نَوْمِهِ) النوم: غَشْيَةٌ ثقيلةٌ تَهْجُمُ على القلب، فتقطعه عن المعرفة بالأشياء، ولهذا قيل: هو آفةٌ؛ لأن النوم أخو الموت، وقيل: النوم مُزيل للقوّة والعقل، وأما السِّنَةُ ففي الرأس، والنعاس في العين، وقيل: السِّنَةُ ريح النوم، تبدو في الوجه، ثم تنبعث إلى القلب، فيَنْعس الإنسان، فينام، قاله الفيّوميّ رحمه الله (٢).

وقال في "الفتح": قوله: "من نومه" أخد بعمومه الشافعيّ، والجمهور، فاستحبوه عقب كل نوم، وخصَّه أحمد بنوم الليل؛ لقوله في آخر الحديث: "باتت يده"؛ لأن حقيقة المبيت أن يكون في، الليل، وفي رواية لأبي داود، ساق مسلم إسنادها: "إذا قام أحدكم من الليل"، وكذا للترمذيّ من وجه آخر صحيح، ولأبي عوانة في روايةٍ، ساق مسلم إسنادها أيضًا: "إذا قام أحدكم إلى الوَضُوء حين يصبح"، لكن التعليل يقتضي إلحاق نوم النهار بنوم الليل، وإنما خَصَّ نوم الليل بالذكر؛ للغلبة، قال الرافعيّ في "شرح المسند": يمكن


(١) "شرح السنديّ على النسائيّ" ١/ ٧.
(٢) "المصباح المنير" ٢/ ٦٣١.