للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أن يقال: الكراهة في الغمس لمن نام ليلًا أشدّ منها لمن نام نهارًا؛ لأن الاحتمال في نوم الليل أقرب؛ لطوله عادةً. انتهى (١).

(فَلَا يَغْمِسْ يَدَهُ) بتخفيف الميم، من باب ضرب، هذا هو المشهور، ويَحتَمِلُ أن يكون بتشديد الميم، من باب التفعيل (٢).

ثم إن التعبير بالغمس أبين في المراد من رواية: "فلا يُدخِلْ"؛ لأن مطلق الإدخال لا يترتب عليه كراهة، كمن أدخل يده في إناء واسع، فاغترف منه بإناء صغير، من غير أن تلامس يده الماء، قاله في "الفتح".

(فِي الْإِنَاءِ) وفي الرواية الآتية: "في إنائه"، وفي رواية البخاريّ: "في وَضوئه"، بفتح الواو، أي الإناء الذي أُعِدّ للوُضوء، ولابن خزيمة: "في إنائه، أو وَضوئه" على الشك، والظاهر اختصاص ذلك بإناء الوُضوء، ويُلْحَق به إناء الغسل؛ لأنه وضوء وزيادة، وكذا باقي الآنية قياسًا، لكن في الاستحباب من غير كراهة؛ لعدم ورود النهي فيها عن ذلك، والله تعالى أعلم.

وخرج بذكر الإناء الْبِرَك، والْحِياض التي لا تَفْسُد بغمس اليد فيها على تقدير نجاستها، فلا يتناولها النهي، قاله في "الفتح" (٣).

(حَتَّى يَغْسِلَهَا)، أي يده (ثَلَاثًا)، وفي الرواية الآتية: "فليُفرغ على يده ثلاث مرّات"، (فَإِنَّهُ)، وفي رواية البخاريّ: "فإن أحدكم"، قال البيضاويّ: فيه إيماء إلى أن الباعث على الأمر بذلك احتمالُ النجاسة؛ لأن الشارع إذا ذَكَر حكمًا، وعَقَّبه وصفًا مصدَّرًا بَالفاء، أو بـ "إنّ"، أو بهما كان ذلك إيماءً إلى أن ثبوت الحكم لأجله، ومثال "إنّ" قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إنها من الطوّافين عليكم والطوّافات" بعد قوله: "إنها ليست بنجسة" (٤)، ومثال الفاء قوله - صلى الله عليه وسلم -: "من مات، ولم يحجّ، فليمت … " الحديث (٥)، ومثال الجمع قوله - صلى الله عليه وسلم - في


(١) "الفتح" ١/ ٣١٧.
(٢) "المرعاة شرح المشكاة" ٢/ ٨٨.
(٣) "الفتح" ١/ ٣١٧ - ٣١٨.
(٤) حديث صحيح، أخرجه مالك، وأصحاب السنن.
(٥) حديث ضعيف، رواه البيهقي عن عبد الرحمن بن سابط، عن أبي أمامة، عن =