للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقال آخرون: الماء طاهرٌ، والوضوء به جائز، هذا قول عطاء بن أبي رباح، ومالك بن أنس، والأوزاعيّ، والشافعيّ، وأبي عبيد، وقال الأوزاعيّ في رجل بات، وعليه سراويل: لا بأس أن يُدخِل يده في وضوئه قبل غسلها.

واختلفوا في المستيقظ من نوم النهار يدخل يده في وضوئه قبل غسلها، فقالت طائفة: نوم النهار ونوم الليل واحد، لا يُدخل يده في كل واحدة من الحالتين حتى يغسلها، هكذا قال إسحاق ابن راهويه، ورُوي عن الحسن أنه قال: نوم النهار ونوم الليل واحد في غمس اليد، وسَهَّل أحمد بن حنبل في ذلك، إذا انتبه من نوم النهار، ونهى عن ذلك إذا قام من النوم بالليل؛ لأن المبيت إنما هو بالليل. انتهى كلام ابن المنذر رحمه الله (١).

وقال الحافظ العراقيّ رحمه الله: اختَلَف العلماء في قوله: "فلا يَغْمِس يده إلخ" هل هو للتحريم، أو للتنزيه؟، وكذا في الرواية التي فيها: "فليغسل يده"، هل هو للندب، أو الوجوب؟

فذهب أكثر أهل العلم إلى أن ذلك للتنزيه والندب، لا للتحريم والوجوب، وهو قول مالك، والشافعيّ، وأهل الكوفة، وغيرهم.

وذهب الحسن البصريّ، وأهل الظاهر إلى أن ذلك على الوجوب والتحريم؛ لظاهر الأمر والنهي، وقالوا: يُهراق الماء.

وحَكَى الخطّابيّ عن داود، ومحمد بن جرير وجوب ذلك، وأنهما رأيا أن الماء ينجس به إذا لم تكن اليد مغسولةً.

وحكى الرافعيّ عن أحمد أنه يوجب غسلهما عند الاستيقاظ من نوم الليل دون النهار على ما تقدّم عنه من التفرقة.

ثم اخْتَلَف أصحاب داود الظاهريّ عنه، فقال أكثرهم: إنه إن فعله كان عاصيًا، ولا يفسد الماء بذلك، وقال بعض أصحابه عنه: لا يجوز الوضوء به.

قال: والصواب ما ذهب إليه الجمهور، وقال أبو الوليد الباجيّ: لأنه قد


(١) "الأوسط" ١/ ٣٧١ - ٣٧٣.