للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقال ابن العربيّ رحمه الله: الولوغ للسباع والكلاب، كالشرب لبني آدم، وقد يُستعمل في الشرب للسباع، ولا يُستعمل الولوغ في الآدميّ، قال: وقال أبو عبيد: الوُلُوغ بضمّ الواو إذا شرب، فإن كثر ذلك، فهو بفتح الواو. انتهى (١).

وقال النوويّ رحمه الله في "شرح المهذّب": قال أهل اللغة: يقال: وَلَغَ الكلب يَلَغُ بفتح اللام فيهما، وحَكَى أبو عمر الزاهد، عن ثعلب، عن ابن الأعرابيّ أن من العرب من يقول: وَلِغَ بكسرها، والمصدر منها وَلَغًا، ووُلُوغًا، ويقال: أولغه صاحبه، قال: الوُلُوغ في الكلب والسباع كلّها أن يُدخِل لسانه في المائع، فيُحرّكه، ولا يقال: وَلَغَ بشيء من جوارحه غير اللسان، ولا يكون الوُلُوغ لشيء من الطير إلا الذباب، ويقال: لَحَسَ الكلب الإناءَ، وقَفَنَهُ، ولَجَنَهُ، ولَجَدَهُ بالجيم فيهما كلّه بمعنىً، إذا كان فارغًا، فإن كان فيه شيء قيل: وَلَغَ، وقال صاحب "المطالع": الشرب أعمّ من الولوغ، فكلُّ وُلُوغ شُرْب، ولا عكسَ. انتهى (٢).

[تنبيه]: قال الإمام ابن دقيق العيد رحمه الله تعالى: قوله: "إذا وَلَغَ الكلب" يَحْتَمِل وجهين:

(أحدهما): أن يكون فيه حذفٌ، على أن يكون المراد: إذا ولغ في الشيء الذي في الإناء.

(والثاني): أن لا يكون فيه حذفٌ؛ لأنه إذا ولغ فيما في الإناء، فقد ولغ في الإناء، وكان الإناء ظرفًا لولوغه.

وأما الرواية التي فيها: "إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم، فليُرقه"، فإن أُضمر عند قوله: "في" على أن يُقدَّر في شراب إناء أحدكم، أو في مظروف إناء أحدكم، استُغْنِي عن الإضمار في قوله: "فليُرقه"، وإن لم يُضمر أوّلًا، فلا بدّ من الإضمار آخرًا، وليكن التقدير: فليُرق شرابه، أو مظروفه، أو ما ولغ فيه، أو أشباه ذلك، ويُرَجَّح الثاني بأنّا إذا أضمرنا فليُرق شرابه، أو ما يقارب ذلك، كان الضمير للإناء، وقوله: "ثم ليغسله" الضمير فيه للإناء، فتتّحِد


(١) "عارضة الأحوذيّ" ١/ ١٣٤.
(٢) "المجموع" ٢/ ٥٨٨.