للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وتُعُقّب بأن الكلب الْكَلِب لا يقرب الماء، فكيف يؤمر بالغسل من ولوغه؟.

وأجاب حفيد ابن رُشْد بأنه لا يقرب الماء بعد استحكام الكَلَب منه، أما في ابتدائه فلا يمتنع.

وهذا التعليل وإن كان فيه مناسبة لكنه يستلزم التخصيص بلا دليل، والتعليل بالتنجيس أقوى؛ لأنه في معنى المنصوص.

وقد ثبت عن ابن عباس التصريح بأن الغسل من ولوغ الكلب بأنه رجس، رواه محمد بن نصر المروزيّ بإسناد صحيح، ولم يصحَّ عن أحد من الصحابة خلافه.

والمشهور عن المالكية أيضًا التفرقة بين إناء الماء فيراق، ويغسل وبين إناء الطعام فيؤكل، ثم يغسل الإناء تعبدًا؛ لأن الأمر بالإراقة عامّ، فيُخَصُّ الطعام منه بالنهي عن إضاعة المال.

وعورض بأن النهي عن الإضاعة مخصوص بالأمر بالإراقة، ويترجح هذا الثاني بالإجماع على إراقة ما تقع فيه النجاسة من قليل المائعات، ولو عَظُم ثمنه، فثبت أن عموم النهي عن الإضاعة بخلاف الأمر بالإراقة.

وإذا ثبتت نجاسة سؤره كان أعمّ من أن يكون لنجاسة عينه، أو لنجاسة طارئة، كأكل الميتة مثلًا، لكن الأول أرجح؛ إذ هو الأصل، ولأنه يلزم على الثاني مشاركة غيره له في الحكم كالهرة مثلًا، وإذا ثبتت نجاسة سؤره لعينه لم يدُلّ على نجاسة باقيه إلا بطريق القياس، كأن يقال: لعابه نجس، ففمه نجس؛ لأنه متحلِّب منه، واللعاب عَرَقُ فمه، وفمه أطيب بدنه، فيكون عرقه نجسًا، وإذا كان عرقه نجسًا كان بدنه نجسًا؛ لأن العرق متحلِّب من البدن، ولكن هل يلتحق باقي أعضائه بلسانه في وجوب السبع والتتريب أم لا؟ تقدمت الإشارة إلى ذلك من كلام النوويّ.

وأما الحنفية فلم يقولوا بوجوب السبع ولا التتريب، واعتذر الطحاويّ وغيره عنهم بأمور: