للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ولا أنكره من بعدهما، ولا رأى أحد منهم طَمّها، وقد أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الإناء الذي قد نَجِسَ من ولوغ الكلب فيه (١) أن يُغسل، ولم يأمر أن يُكْسَر، وقد تشرّب من الماء النجس، فكما لم يأمر بكسر الإناء في ذلك، فكذلك لا يُؤمر بِطَمّ تلك البئر، فهذه فائدة استنتجها الطحاويّ من هذا الحديث، ذكره ابن دقيق العيد رحمه الله (٢)، وهو بحثٌ نفيسٌ.

قال الجامع عفا الله عنه: خلاصة هذا البحث أن الإناء الذي أُمر بغسله من وُلُوغ الكلب عامّ، فيتناول ما يتشرّب الماء، كالفخّار، وما لا يتشرّبه كأواني الزجاج، فلا فرق بين النوعين في وجوب غسله فقط، ولا يلزم كسر النوع الأول، فتنبّه، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة العاشرة): قال الحافظ العراقيّ - رحمه الله تعالى -: هل تتعدّد الغسلات في ولوغ الكلب بتعدّد الولغات من كلب واحد، أو كلبين، فأكثر؟ خلاف بين أصحابنا - يعني الشافعيّة - والأصحّ أنه يكفي للجميع سبع، وقيل: يجب لكلّ وَلْغة سبعٌ، وقيل: يكفي السبع في وَلَغَات الكلب الواحد، وتتعدّد بتعدّد الكلاب، وكذلك لو تنجّس بنجاسة أجنبيّة غير الكلب لم تجب الزيادة على السبع، بل يندرج الأصغر في الأكبر، كالحدث على الصحيح، وادَّعَى النوويّ، وابن الرفعة نفي الخلاف فيه، وليس بجيّد، ففيه وجه حكاه الرافعيّ في الشرح الصغير أنه يجب غسله للنجاسة الأجنبيّة أيضًا. انتهى كلام العراقيّ - رحمه الله تعالى - (٣)، وهو بحث مفيدٌ، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا ونعم الوكيل.

وبالسند المتّصل إلى الإمام مسلم بن الحجاج رحمه الله تعالى المذكور أولَ الكتاب قال:

[٦٥٥] ( … ) - (وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاح، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ زَكَرِيَّاءَ، عَنِ الْأَعْمَش، بِهَذَا الْإِسْنَادِ مِثْلَهُ، وَلَمْ يَقُلْ (٤): "فَلْيُرِقْهُ").


(١) قد عرفت فيما سلف أن نجاسة الكلب محلّ نظر، فلا تنس، والله تعالى أعلم.
(٢) "شرح الإلمام" ٢/ ٢٢٩ - ٢٣٠.
(٣) "طرح التثريب" ٢/ ١٢٥ - ١٢٦.
(٤) وفي نسخة: "ولم يذكر".