للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقد ظهر اعتباره في بعض ما يقع فيه الولوغ، فالعموم بالنسبة إلى هذا المقصود أمسّ من العموم بالنسبة إلى ذلك المقصود إذا اعتبرنا المقاصد. انتهى كلام ابن دقيق العيد - رحمه الله تعالى - (١).

قال الجامع عفا الله عنه: هذا الذي قاله ابن دقيق العيد - رحمه الله تعالى - بحثٌ نفيسٌ.

وحاصله ترجيح القول بعموم الإناء إناء الماء والطعام؛ لقوة مُدرَكه، كما حقّقه آنفًا، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة التاسعة): لفظ الإناء لَمّا كان عامًّا دخل تحته إناء الفَخَّار (٢) غير المزجَّج مما يتشرّب الماء وغيره، ويغوص فيه، وقد حُكم بطهارته بالغسل، فقد يُجعل أصلًا لمسألة اختُلِف فيها، وهي أن الفَخّار إذا اتّصَل به نجسٌ غَوّاصٌ، كالبول، هل يطهر بالغسل؟ وكذلك ما يناسبه مثل الزيتون يُمَلَّح بماء نجس، والقَمْح يُنقَع بماء نجس، وهذا البحث بناء على نجاسة الماء، فيستمرّ من غير اعتراض؛ لأنه حينئذ لا فرق بين أن يَلَغَ في الماء الذي في الإناء، أو يؤخذ الماء الذي في الإناء بعد وُلُوغه، ويُجعَل في إناء فَخّار.

قال الطحاويّ - رحمه الله تعالى - لَمّا تكلّم في مسألة نزح ماء البئر: فإن قال قائل: فأنتم قد جعلتم ماء البئر نجسًا بوقوع النجاسة فيها، فكان يقتضي ذلك أن لا تَطهُر البئر أبدًا؛ لأن حيطانها قد تشرّبت ذلك الماء النجس، واستكنّ فيها، فكان ينبغي أن تُطمّ.

قيل له: ألم تر العادات جرت على هذا؟ وقد فَعَل عبد الله بن الزبير ما ذكرنا في ماء زمزم (٣)، ورآه أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فلم يُنكروا ذلك عليه،


(١) "شرح الإلمام" ٢/ ٢٢٧ - ٢٢٩.
(٢) "الْفَخّار" بفتح الفاء، وتشديد الخاء: الطين المشويّ، وقبل الطبخ هو خَزَفٌ، وصَلْصَال. قاله في: "المصباح" ٢/ ٤٦٤.
(٣) هو ما رواه الطحاويّ في: "شرح معاني الآثار" (١/ ١٧) بسند حسن، عن عطاء بن أبي رَبَاح أن حَبَشِيًّا وقع في زمزم فمات، فأمر ابن الزبير، فَنُزِح ماؤها، فجَعَل الماء لا ينقطع، فَنَظَر فإذا عين تجري من قبل الحجر الأسود، فقال ابن الزبير: حسبكم. انتهى.