للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقد انتصر له الحافظ أبو موسى الأصبهانيّ رحمه الله تعالى، وأَلَّف في ذلك كتابًا لطيفًا تبَجَّحَ فيه بإجادته وإصابته، مع وَهَم غير واحد من الحفّاظ فيه، فذَكَر أن حَسَنًا هذا هو الحسن بن مسلم بن يَنَّاق الذي رَوى عنه ابن جريج غير هذا الحديث، وأن معنى هذا الكلام: أن أبا نَضْرَة أخبر بهذا الحديث أبا قَزَعَةَ وحَسَن بن مسلم كِلَيْهِمَا، ثم أكَّد ذلك بأن أعاد، فقال: أخبرهما أنّ أبا سعيد أخبره - يعني أخبر أبو سعيد أبا نضرة - وهذا كما تقول: إنّ زيدًا جاءني وعمرًا جاءاني، فقالا: كذا وكذا.

وهذا من فصيح الكلام، واحتجّ على أن حَسَنًا فيه هو الحسن بن مُسلم بن يَنّاق بأنّ سَلَمَة بنَ شَبيب - وهو ثقة - رواه عن عبد الرزاق، عن ابن جريج، قال: أخبرني أبو قَزعة أنّ أبا نَضْرَة أخبره، وحسَنَ بنَ مسلم بن يَنّاق أخبرهما، أن أبا سعيد أخبره. . . الحديث.

ورواه أبو الشيخ الحافظ في كتابه "الْمُخَرَّج على صحيح مسلم".

وقد أسقط أبو مسعود الدمشقيّ وغيره ذِكْرَ حسنٍ أصلًا من الإسناد؛ لأنه مع إشكاله لا مَدْخَل له في رواية الحديث.

وذكر الحافظ أبو موسى ما حكاه أبو عليّ الغسانيّ في كتابه "تقييد المهمل" في ذلك، وبَيَّنَ بُطلانه، وبطلان رواية من غَيَّرَ الضميرَ في قوله: "أخبرهما"، وغَيْرَ ذلك من التغييرات، ولقد أجاد وأحسن رحمه الله تعالى انتهى كلام الشيخ ابن الصلاح رحمه الله تعالى (١).

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: هذا التحقيق نفيسٌ جدًّا، كما قال ابن الصلاح (٢).

وحاصله: أن قوله: "وحسنًا" معطوف على الضمير المنصوب في "أخبره"


(١) "صيانة صحيح مسلم من الإخلال والغلط" ص ١٥٨ - ١٦١.
(٢) قال النوويّ في "شرحه" بعد نقل كلام ابن الصلاح رحمهما الله تعالى: وفي هذا القدر الذي ذكره أبلغ كفاية، وإن كان الحافظ أبو موسى قد أطنب في بسطه وإيضاحه بأسانيده، واستشهاداته، ولا ضرورة إلى زيادة على هذا القدر. والله تعالى أعلم.