للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الواقع خبرًا لـ "أن"، من قوله: "أن أبا نضرة أخبره"، وأن قوله: "أخبرهما" تأكيد لقوله: "أخبره وحسنًا"، والله تعالى أعلم.

وقوله: (وجعلنا الله فداءك) هو بكسر الفاء، وبالمدّ، ومعناه يَقِيك المكاره، وفيه جواز قول الإنسان لمسلم: جعلني الله فداك، وقد عقد الإمام البخاريّ رحمه الله تعالى بابًا في "صحيحه" فقال:

"باب قول الرجل: جعلني الله فداك"، ثم قول أبي بكر الصدّيق - رضي الله عنه - للنبيّ - صلى الله عليه وسلم -، لَمّا قال: "إن عبدًا خَيَّره الله بين الدنيا وبين ما عنده، فاختار ما عنده"، فَدَيْناك بآبائنا وأمهاتنا، والحديث طويل، أخرجه الشيخان.

ثم أخرج حديث أنس - رضي الله عنه -، أنه أقبل هو، وأبو طلحة مع النبيّ - صلى الله عليه وسلم -. . . وفيه قول أبي طلحة: "يا نبيّ الله جعلني الله فداك، هل أصابك من شيء؟. . . الحديث، متّفقٌ عليه.

قال في "الفتح": وقد استوعب الأخبار الدالة على الجواز أبو بكر بن أبي عاصم في أول كتاب "آداب الحكماء"، وجزم بجواز ذلك، فقال: للمرء أن يقول ذلك لسلطانه، ولكبيره، ولذوي العلم، ولمن أحب من إخوانه غيرَ محظور عليه ذلك، بل يثاب عليه إذا قصد توقيره واستعطافه، ولو كان ذلك محظورًا لنهى النبي - صلى الله عليه وسلم - قائل ذلك، ولأعلمه أن ذلك غير جائز أن يقال لأحد غيره.

قال: وقد ترجم أبو داود نحو ترجمة البخاريّ، وساق حديث أبي ذرّ - رضي الله عنه - قلت للنبيّ - صلى الله عليه وسلم -: "لبيك وسعديك، جعلني الله فداك. . ." الحديث، وكذا أخرجه البخاري في "الأدب المفرد".

قال الطبرانيّ: في هذه الأحاديث دليل على جواز قول ذلك، وأما ما رواه مبارك بن فَضَالة عن الحسن، قال: دخل الزبير على النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو شاكٍ، فقال: كيف تجدك، جعلني الله فداك؟ قال: "ما تركت أعرابيتك بعدُ"، ثم ساقه من هذا الوجه، ومن وجه آخر، ثم قال: لا حجة في ذلك على المنع؛ لأنه لا يقاوم تلك الأحاديث في الصحة، وعلى تقدير ثبوت ذلك، فليس فيه صريح المنع، بل فيه إشارة إلى أنه تَرَك الأولى، في القول للمريض، إما بالتأنيس والملاطفة، وإما بالدعاء والتوجع.