للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال الجامع عفا الله عنه: لا يخفى أن تأويل النوويّ تكلّف وتعسّفٌ، وعدول عن صريح الحديث دون دليل، وقد أجاد ابن دقيق العيد حيث قال: ومن لم يقُل به احتاج إلى تأويله بوجه فيه استكراه. انتهى (١).

والحاصل أن القول بوجوب الغسلة الثامنة هو الحقّ؛ لوضوح دليله، فتبصّر، والله تعالى أعلم.

٢ - (ومنها): الأمر بقتل الكلاب، وكان ذلك في أول الأمر، ثم نُسِخ في غير الكلب الأسود والعقور، فقد أخرج مسلم أيضًا، عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما -، قال: أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقتل الكلاب، حتى إِنّ المرأة تَقْدَم من البادية بكلبها فنقتله، ثم نَهَى النبيّ - صلى الله عليه وسلم - عن قتلها، وقال: "عليكم بالأسود البهيم، ذي النُّقْطتين، فإنه شيطان".

وعن ابن عمر - رضي الله عنهما - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "خمسٌ من الدواب ليس على المحرم في قتلهن جُنَاح: الغُراب، والحدأة، والعقرب، والفأرة، والكلب العقور"، رواه الجماعة، إلا الترمذيّ. وإذا جاز قتله للمحرم فغيره أولى.

٣ - (ومنها): تحريم اقتناء الكلب، قال النوويّ رحمه الله: قد اتّفق أصحابنا وغيرهم على أنه يحرُم اقتناء الكلب لغير حاجة، مثلُ أن يقتني كلبًا إعجابًا بصورته، أو للمفاخرة به، فهذا حرام بلا خلاف، وأما الحاجة التي يجوز الاقتناء لها، فقد ورد هذا الحديث بالترخيص لأحد ثلاثة أشياء، وهي الزرع، والماشية، والصيد وهذا جائز بلا خلاف.

قال: واختَلَف أصحابنا في اقتنائه لحراسة الدور والدُّروب، وفي اقتناء الْجِرْو لِيُعَلَّم، فمنهم من حَرَّمه؛ لأن الرخصة إنما وردت في الثلاثة المتقدمة، ومنهم من أباحه، وهو الأصحّ؛ لأنه في معناها.

واختلفوا أيضا فيمن اقتَنَى كلب صيد، وهو رجل لا يصيد، والله أعلم (٢).


(١) "إحكام الأحكام" بنسخة الحاشية ١/ ١٥٥.
(٢) "شرح النوويّ" ٣/ ١٨٦.