لذلك فإن المجلس يرى طهارتها بعد تنقيتها التنقية الكاملة بحيث تعود إلى خِلْقتها الأولى، لا يُرى فيها تغيّر بنجاسة في طعم ولا لون ولا ريح، ويجوز استعمالها في إزالة الأحداث والأخباث، وتحصل الطهارة بها منها، كما يجوز شربها إلا إذا كانت هناك أضرار صحيّة تنشأ عن استعمالها، فيمتنع ذلك؛ محافظة على النفس، وتفاديًا للضرر لا لنجاستها.
والمجلس إذ يقرّر ذلك يستحسن الاستغناء عنها في استعمالها للشرب متى وُجِد إلى ذلك سبيل؛ احتياطًا للصحّة، واتّقاءً للضرر، وتنزّهًا عما تستقذره النفوس، وتنفر منه الطباع.
والله الموفّق، وصلى الله على نبيّنا محمد، وعلى آله وصحبه وسلّم.
انتهى قرار مجلس هيئة كبار العلماء، والله تعالى أعلم.
وأما مجلس مجمع الفقه الإسلاميّ لرابطة العالم الإسلاميّ في دورته الحادية عشرة المنعقدة بمكة المكرّمة في الفترة من يوم الأحد ١٣ رجب ١٤٠٩ هـ الموافق ١٩ فبراير ١٩٨٩ م إلى يوم الأحد ٢٠ رجب ١٤٠٩ هـ فقد نظر في السؤال عن حكم ماء المجاري بعد تنقيته، هل يجوز رفع الحدث بالوضوء والغسل به؟ وهل تجوز إزالة النجاسة به؟.
وبعد مراجعة المختصّين بالتنقية بالطرق الكيماويّة، وما قرّروه من أن التنقية تتمّ بإزالة النجاسة منه على مراحل أربع، وهي الترسيب، والتهوية، وقتل الجراثيم، وتعقيمه بالكلور، بحيث لا يبقى للنجهاسة أثرٌ في طعمه ولونه وريحه، وهم مسلمون، عدولٌ، موثوق بصدقهم وأمانتهم.
قرّر المجمع ما يأتي: إن ماء المجاري إذا نُقّي بالطرق المذكورة وما يُماثلها، ولم يَبقَ للنجاسة أثر في طعمه، ولا في لونه، ولا في ريحه صار طَهُورًا، يجوز رفع الحدث، وإزالة النجاسة به؛ بناءً على القاعدة الفقهيّة التي تقرّر أن الماء الكثير الذي وقعت فيه نجاسة يطهر بزوال هذه النجاسة منه إذا لم يبق لها أثرٌ فيه، والله أعلم. انتهى قرار مجلس المجمع الفقه الإسلاميّ لرابطة العالم الإسلاميّ.
قال الجامع عفا الله عنه: هذا الذي أجمع عليه المجلسان من طهارة ماء المجاري بعد المعالجة بالطرق الحديثة، بحيث لم يبق للنجاسة أثرٌ من طعم،