بالبركة، ثم توضأ، فشربت من وَضوئه، ثم قمت خلف ظهره. . . الحديث، متّفق عليه.
فإن قال الذاهب إلى نجاسة المستعمل للوضوء: إن هذه الأحاديث غاية
ما فيها الدلالة على طهارة ما توضأ به - صلى الله عليه وسلم -، ولعل ذلك من خصائصه - صلى الله عليه وسلم -.
قلنا: هذه دعوى غير نافقة، فإن الأصل أن حكمه - صلى الله عليه وسلم -، وحكم أمته واحد إلا أن يقوم دليل يَقْضِي بالاختصاص، ولا دليل هنا، وأيضًا الحكم بكون الشيء نجسًا حكمٌ شرعيّ يَحتاج إلى دليل يلتزمه الخصم فما هو؟، قاله الشوكانيّ رَحِمَهُ اللهُ.
قال الجامع عفا الله عنه: قد تبيّن بما ذُكر أن أرجح الأقوال القولُ بطهارة الماء المستعمل، وأنه تجوز الطهارة به؛ للأدلّة الواضحة الكثيرة، فتبصّر، ولا تكن أسير التقليد، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
[خاتمة]: نختم بها هذا الباب:
(اعلم): أن مما يتعلّق بهذا الباب من المسائل المهمّة ما أصدره مجلس هيئة كبار العلماء بالمملكة العربيّة السعودية من القرار تجاه المياه المتلوّثة بالنجاسات إذا عُولجت بواسط الوسائل الفنّيّة، ثم زالت منها النجاسة، فقد قرّر ما يلي:
قرارٌ رقم ٦٤ في ٢٥/ ١٠/ ١٣٩٨ هـ الآتي:
بعد البحث والمداولة والمناقشة قرّر المجلس ما يلي:
بناءً على ما ذَكَره أهل العلم من أن الماء الكثير المتغيّر بنجاسة يطهر إذا زال تغيّره بنفسه، أو بإضافة ماء طهور إليه، أو زال تغيّره بطول مكث، أو تأثير الشمس، ومرور الرياح عليه، أو نحو ذلك؛ لزوال الحكم بزوال علّته.
وحيث إن المياه المتنجّسة يمكن التخلّص من نجاستها بعدّة وسائل، وحيث إن تنقيتها وتخليصها مما طرأ عليها من النجاسات بواسطة الطرق الفنّيّة الحديثة لأعمال التنقية يُعتبر من أحسن وسائل التطهير حيث يبذل الكثير من الأسباب المادّيّة لتخليص هذه المياه من النجاسات كما يشهد بذلك ويقرّره الخبراء المختصّون بذلك ممن لا يتطرّق الشكّ إليهم في عملهم وخِبْرتهم وتجاربهم.