أحمد، وأبو داود، والنسائيّ، والترمذيّ، وصححه من حديثه بلفظ: اغتَسَلَ بعضُ أزواج النبيّ - صلى الله عليه وسلم - في جَفْنَة، فجاء النبيّ - صلى الله عليه وسلم - ليتوضأ منها، أو يغتسل، فقالت له: يا رسول الله إني كنت جنبًا، فقال:"إن الماء لا يُجْنِب".
وأيضًا حديث النهي عن التوضؤ بفضل وضوء المرأة فيه مقال.
وأجيب عن الاحتجاج بتكميل السلف للطهارة بالتيمم، لا بما تساقط، بأنه لا يكون حجةً إلا بعد تصحيح النقل عن جميعهم، ولا سبيل إلى ذلك؛ لأن القائلين بطهورية المستعمل منهم، كالحسن البصريّ، والزهريّ، والنخعيّ، ومالك، والشافعيّ، وأبي حنيفة في إحدى الروايات عن الثلاثة المتأخرين، ونسبه ابن حزم إلى عطاء، وسفيان الثوريّ، وأبي ثور، وجميع أهل الظاهر، وبأن المتساقط قد فَنِي؛ لأنهم لم يكونوا يتوضئون إلى إناء، والملتصق بالأعضاء حقير، لا يكفي بعض عضو من أعضاء الوضوء، وبأن سبب الترك بعد تسليم صحته عن السلف، وإمكان الانتفاع بالبقية هو الاستقذار.
وبهذا يتضح عدم خروج المستعمل عن الطَّهُورية، وتحتم البقاء على البراءة الأصلية، لاسيما بعد اعتضادها بكليات وجزئيات من الأدلة، كحديث:"خُلِق الماء طهورًا"، وحديث مسحه - صلى الله عليه وسلم - رأسه بفضل ماء كان بيده، وغيرهما.
قال الجامع عفا الله عنه: ومن الأحاديث الدالّة على مذهب من قال بطهوريّة الماء المستعمل حديث صَبِّه - صلى الله عليه وسلم - لوَضُوئه على جابر - رضي الله عنه -، وتقريره للصحابة على التبرك بوَضُوئه، متّفقٌ عليه.
ومنها: حديث أبي جحيفة - رضي الله عنه - قال: خرج علينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالهاجرة، فأُتي بوَضُوء، فتوضأ، فجعل الناس يأخذون من فضل وَضوئه، فيتمسحون به، متّفقٌ عليه.
وحديثُ أبي موسى - رضي الله عنه - عنده أيضًا قال: دعا النبيّ - صلى الله عليه وسلم - بقَدَح فيه ماء، فغسل يديه ووجهه فيه، ومَجّ فيه، ثم قال لهما - يعني أبا موسى وبلالًا -: "اشْرَبَا منه، وأَفْرِغَا على وجوهكما ونُحوركما"، متّفقٌ عليه.
وحديث السائب بن يزيد - رضي الله عنه - قال: ذهبت بني خالتي إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقالت: يا رسول الله إن ابن أختي وَجِعٌ - أي مريض - فمسح رأسي، ودعا لي