للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

للبخاريّ من طريق يزيد بن هارون (١)، عن عمرو بن ميمون: قال: "سمعت عائشة .... "، وفي رواية له من طريق عبد الواحد، عن عمرو: "سألت عائشة عن المنيّ … ".

قال في "الفتح": فيه رَدٌّ على البزار حيث زَعَم أن سليمان بن يسار لم يسمع من عائشة، على أن البزار مسبوق بهذه الدعوى، فقد حكاه الشافعيّ في "الأم" عن غيره، وزاد أن الحفاظ قالوا: إن عمرو بن ميمون غَلِطَ في رفعه، وإنما هو في فتوى سليمان. انتهى.

قال: وقد تبَيَّن من تصحيح البخاري له، وموافقة مسلم له على تصحيحه، صحةُ سماع سليمان منها، وأن رفعه صحيح، وليس بين فتواه وروايته تنافٍ، وكذا لا تأثير للاختلاف في الروايتين، حيث وقع في إحداهما أن عمرو بن ميمون سأل سليمان، وفي الأخرى أن سليمان سأل عائشة؛ لأن كلًّا منهما سأل شيخه، فحَفِظَ بعض الرواة ما لم يَحفظ بعضٌ، وكلهم ثقات. انتهى ما في "الفتح" (٢)، وهو تحقيق حسنٌ جدًّا، والله تعالى أعلم.

(أَن رَسُولَ اللهِ - صلي الله عليه وسلم - كَانَ يَغْسِلُ الْمَنيَّ) هكذا في رواية محمد بن بشر بنسبة الغسل إلى النبيّ - صلي الله عليه وسلم -، ووافقه عليه يحيى بن أبي زائدة، وخالفه عبد الله بن المبارك، وعبد الواحد بن زياد، فجعلا الغسل من عائشة، فقالا: قالت: "كنت أغسله من ثوب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - … " الحديث، وقد بيّن المصنّف - رحمه الله - هذا الاختلاف في الحديث التالي.

قال الجامع عفا الله عنه: رواية ابن المبارك، وعبد الواحد هي الراجحة؛ لمتابعة زهير بن معاوية لهما، ولذا أخرج روايتهما البخاريّ، كما أخرج رواية زهير أيضًا.

على أنه لا تنافي بين الروايتين؛ لإمكان حمل قولها: "كان يغسل المنيّ"


(١) كون يزيد هنا هو ابن هارون هو الذي صرّح به ابن حبّان في: "صحيحه" ٤/ ٢٢٢ عن قتيبة شيخ البخاريّ، عنه، فما رجحه الحافظ في: "الفتح" ١/ ٣٩٨ من كونه ابن زُريع فيه نظر لا يخفى، فتأمّل، والله تعالى أعلم.
(٢) ١/ ٣٩٨ - ٣٩٩.