للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

على أنه كان يرى غسلها له، فيسكت عليه، فنُزّل رضاه منزلة الفعل، أو أنه كان يفعل ذلك بنفسه في بعض الأحيان؛ تواضعًا، وتعليمًا للأمة، والله تعالى أعلم بالصواب.

(ثُمَّ يَخْرُجُ)، أي من الحجرة (إِلَى) المسجد؛ لأجل (الصَّلَاةِ فِي ذَلِكَ الثَّوْبِ) الذي غسل عنه المنيّ (وَأنا أَنْظُرُ إِلَى أثَرِ الْغَسْلِ فِيهِ)، أي في ذلك الثوب، وفي رواية البخاريّ: "وأثر الغسل في ثوبه بُقَع"، وفي لفظ: "وأثر الغسل فيه بُقَعُ الماء"، قال في "الفتح": "بُقَع" بضم الموحّدة، وفتح القاف، جمع بُقْعة، قال أهل اللغة: الْبُقَع اختلاف اللونين، وقوله: "بقع الماء" بدل من قول: "أثر الغسل" (١)، ويجوز النصب على الاختصاص. انتهى (٢).

وجملة "وأنا أنظر إلخ" حال من فاعل "يَخرُج" بتقدير رابط، أي يخرج في حالة نظري إلى أثر غسل ثوبه، أو حال من "الثوب"، أي يخرج بثوبه المبلول، حال كونه منظورًا إليه منّي، وأرادت - رضي الله عنها - بهذا: الكناية عن خروجه - صلى الله عليه وسلم - بذلك الثوب مبلولًا، وعدم انتظاره جفافه؛ لحاجته إلى الخروج للصلاة، وعدم وجود ثوب آخر غير ذلك المبلول.

وفيه بيان ما كان عليه النبيّ - صلي الله عليه وسلم - من الزهد في الدنيا، وتواضعه، ولين أخلاقه، وحسن عشرته.

وفي قول سليمان: "سألت عائشة إلخ " من الفوائد: جواز سؤال النساء عما يُستحيى منه؛ لمصلحة تعلّم الأحكام، وفيه خدمة الزوجات لأزواجهنّ.

والمسائل المتعلّقة بالحديث قد تقدّمت في شرح الحديث الأول في الباب، فلا حاجة إلى إعادتها، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا ونعم الوكيل.

وبالسند المتّصل إلى الإمام مسلم بن الحجاج - رحمه الله - المذكور أولَ الكتاب قال:

[٦٧٩] ( … ) - (وَحَدَّثَنَا أَبُو كَامِلٍ الْجَحْدَرِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ - يَعْنِي ابْنَ زِيَادٍ - (ح)، وَحَدَّثنا أَبُو كُرَيْبٍ، أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَك، وَابْنُ أَبِي زَائِدَةَ، كُلُّهُمْ


(١) واعتراض العينيّ على هذا مما لا يُلتفت إليه، فتنبّه.
(٢) "الفتح" ١/ ٣٩٨ - ٣٩٩.