للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

دون الجماع، وقال إسحاق: لو جامعها دون الفرج، فأنزل لم يكن به بأس، وقال النخعيّ: إن أم عمران لتعلم أني أطعن بين أَلْيتها (١)، وهي حائض.

قال ابن المنذر رحمه الله: الأعلى، والأفضل اتباع السنة، واستعمالها، ثبت أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - أَمَر عائشة - رضي الله عنها - أن تتزر، ثم يباشرها، وهي حائض، ولا يَحرُم عندي أن يأتيها دون الفرج، إذا اتّقى موضع الأذى، والفرجُ بالكتاب، وبإتفاق أهل العلم مُحَرَّم في حال الحيض، وسائرُ البدن إذا اختلفوا فيه على الإباحة التي كانت قبل أن تحيض، وغير جائز تحريم غير الفرج، إلا بحجة، ولا حجة مع مَن مَنَعَ ذلك، قال الله تعالى: {وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ} إلى قوله: {فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ} [البقرة: ٢٢٢]، فقال غير واحد من العلماء: من حيث أمركم الله: أن يعتزلوهن في حال الحيض، والمباح منها بعد أن تطهر هو الممنوع منها قبل الطهارة، والفرج مُحَرَّم في حال الحيض بالكتاب، والإجماع، وسائرُ البدن على الإباحة التي كانت قبل الحيض. انتهى كلام ابن المنذر رحمه الله (٢)، وهو تحقيقٌ نفيسٌ جدًّا.

وقال النوويّ رحمه الله: (اعلم): أن مباشرة الحائض أقسام:

[أحدها]: أن يباشرها بالجماع في الفرج، فهذا حرام بإجماع المسلمين، بنصّ القرآن العزيز، والسنة الصحيحة، قال أصحابنا: ولو اعتَقَد مسلم حِلَّ جماع الحائض في فرجها، صار كافرًا مرتدًّا، ولو فعله إنسان غير معتقد حِلَّه، فإن كان ناسيًا، أو جاهلًا بوجود الحيض، أو جاهلًا بتحريمه، أو مُكْرَهًا، فلا إثم عليه، ولا كفارة، وإن وَطِئها عامدًا عالِمًا بالحيض والتحريم مختارًا، فقد ارتَكَب معصية كبيرةً، نَصّ الشافعي على أنها كبيرة، وتجب عليه التوبة، وفي وجوب الكفارة قولان للشافعيّ، أصحهما وهو الجديد، وقول مالك، وأبي حنيفة، وأحمد في إحدى الروايتين، وجماهير السلف أنه لا كفارة عليه، وممن ذهب إليه من السلف: عطاءٌ، وابن أبي مليكة، والشعبيّ، والنخعيّ،


(١) هكذا نسخة "الأوسط"، ولعله "بين أَلْيتيها" بالتثنية، وهي بفتح الهمزة، ولا تُكسر، كما قاله في: "القاموس" وغيره، والله تعالى أعلم.
(٢) "الأوسط" ٢/ ٢٠٥ - ٢٠٨.