للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

والحكم، والثوريّ، والأوزاعيّ، وأحمد بن حنبل، ومحمد بن الحسن، وأصبغ، وإسحاق ابن راهويه، وأبو ثور، وابن المنذر، وداود، وقد قدمنا أن هذا المذهب أقوى دليلًا، واحتجوا بحديث أنس الآتي: "اصنَعُوا كل شيء إلا النكاح"، قالوا: وأما اقتصار النبيّ - صلى الله عليه وسلم - في مباشرته على ما فوق الإزار، فمحمول على الاستحباب، والله تعالى أعلم. انتهى كلام النوويّ رحمه الله (١).

قال الجامع عفا الله عنه: قد تبيّن بما سبق من بيان أقوال أهل العلم، وأدلّتهم، أن الأرجح هو مذهب القائلين بجواز مباشرة الحائض مطلقًا فوق الإزار وتحته إلا الفرج؛ لقوّة حجته، كما أشار إليه ابن المنذر رحمه الله في كلامه السابق، وصرّح به النوويّ رحمه الله في كلامه المذكور آنفًا، ولكن الأولى أن يكون فوق الإزار اتّباعًا للسنة.

والحاصل أن الاستمتاع بالحائض جائز غير الجماع في الفرج، كما نصّ عليه - صلى الله عليه وسلم - بقوله: "اصنَعُوا كلّ شيء إلا النكاح"، أي الجماع في الفرج، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الخامسة): في ذكر اختلاف أهل العلم في وطء الرجل زوجته بعد أن تطهر قبل الاغتسال:

قال ابن المنذر رحمه الله: اختَلَفُوا في وطء الرجل زوجته بعد انقطاع دمها قبل أن تغتسل، فمنعت من ذلك طائفة، وممن منع منه، أو كَرِه سالمُ بن عبد الله، وسليمان بن يسار، والزهريّ، وربيعة، ومالك بن أنس، والليث بن سعد، وسفيان الثوريّ، والشافعيّ، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور.

وقالت فرقة: إذا أدرك الزوج الشَّبَقُ (٢) أمرها أن تتوضأ، ثم أصاب منها إن شاء، رُوي هذا القولُ عن عطاء، وطاوس، ومجاهد.

واحتج بعض من نَهَى عن ذلك بظاهر الكتاب، وهو قول الله: {وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ} الآية [البقرة: ٢٢٢]، وبمنع الجميع الزوج وطأها في حال


(١) "شرح النوويّ" ٣/ ٢٠٥.
(٢) "الشَّبَقُ - بفتحتين -: شدّة الغُلْمة، وطلب النكاح". اهـ. "لسان العرب" ١٢/ ٣٧.
و"الغُلْمة" بضم الغين، وضبطها بعضهم بكسرها: شدّة شهوة الضراب.