للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

المذكّر، على أن يكون ضمير الأمر والشأن، ويحتمل أن يعود على مذكّر الدعوة، فإن الدعوة دعاء، ووقع في بعض النسخ: "فإنها" بهاء التأنيث، وهو عائدٌ على لفظ الدعوة. انتهى (١).

(لَيْسَ بَيْنَهَا) أي بين دعوة المظلوم، وفي رواية: "بينه" بتأويل الدعوة بالدعاء، أي بين دعاء المظلوم (وَبَيْنَ اللهِ) سبحانه وتعالى (حِجَابٌ) أي مانع يمنع من الوصول، وقال الطيبيّ: قوله: "واتَّق دعوة المظلوم" تذييلٌ؛ لاشتماله على هذا الظلم الخاصّ من أخذ كرائم الأموال، وعلى غيره مما يتعلّق بالمزكّي، وعلى هذا المظلوم وغيره.

وقوله: "فإنه ليس بينها إلخ"، تعليلٌ للاتّقاء، وتمثيل للدعوة بمن يقصد إلى السلطان، متظلّمًا، فلا يُحجب عنه. انتهى (٢).

قال ابن العربي رحمه الله تعالى: إلا أنه وإن كان مطلقًا، فهو مقيّد بالحديث الآخر أن الداعي على ثلاث مراتب: إما أن يُعجّل له ما طلب، وإما أن يدّخر له أفضل منه، إما أن يدفع عنه من السوء مثله. وهذا كما قُيّد قوله تعالى: {أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ} الآية [النمل: ٦٢] بقوله تعالى: {فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شَاءَ} الآية [الأنعام: ٤١]، انتهى.

[تنبيه]: كتب ابن الملقّن في "شرح العمدة" على قوله: "ليس بينها وبين الله حجاب" ما نصه: الحجاب يقتضي الاستقرار في المكان، والباري منزّه عن ذلك، إلا أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يُخاطب العرب بما تَفهم. والمراد أنها مقبولة على كلّ حال، لا أن للباري جلّ وتعالى حجابًا يحجبه عن الناس، ويحتمل كما قال الفاكهيّ أن يراد بالحجاب هنا المعنويّ، دون الحسيّ انتهى (٣).

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: ليت شعري ما الذي يعنيه بنفي الحجاب؟ كيف ينفي حجاب الله تعالى، من يسمع الحديث الصحيح، حديث


(١) "المفهم" ١/ ١٨٤.
(٢) "الكاشف عن حقائق السنن" ٥/ ١٤٧٠.
(٣) "الإعلام" ٥/ ٢٨ - ٢٩.