للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

"انضجع" مطاوع أضجعه، نحو أزعجته فانزعج، وأطلقته فانطلق، وانفعل بابه الثلاثيّ، وإنما جاء في الرباعيّ قليلًا على إنابة أفعل مناب فَعَلَ. انتهى (١).

(وَأنا حَائِضٌ) جملة في محلّ نصب على الحال من ياء المتكلّم، وتقدّم أن حائض" بدون هاء؛ هو اللغة الفصحى، ويجوز بقلّة حائضة بالهاء، (وَبَيْني وَبَيْنَهُ ثَوْبٌ) جملة في محلّ نصب على الحال أيضًا، إما على التداخل، أو الترادف.

قال القاضي عياض - رحمه الله -: قولها:، "وبيني وبينه ثوب"، هذا الثوب يرجع إلى الإزار في الحديث الآخر، وتكون المباشرة حقيقة لما فوق الإزار، ويجتنب ما تحت الإزار، وقال ابن الجهم، وابن القصّار: حدّه من السرّة إلى الركبة؛ لأنه موضع الإزار، ولأنه مفسّر في حديث آخر، وهذا مذهب عامّة أهل العلم في جواز الاستمتاع من الحائض بما فوق الإزار، ومضاجعتها ومباشرتها في مِئْزَر بمفهوم هذه الأحاديث، وبقوله في غير هذا الكتاب: "ثم لك ما فوق الإزار" (٢)، وقوله: "ثم شأنك بأعلاها" (٣)، وتعلّق بعض من شذّ بظاهر القرآن إلى اعتزال النساء في المحيض جملةً، وقد بيّنت السنّة هذا الاعتزال، وفسّرته بما تقدّم، وبقوله - صلى الله عليه وسلم - بعد هذا: "اصنعوا كلَّ شيء إلا النكاح"، وقد يتعلّقون بظاهر حديث ميمونة - رضي الله عنها -، وقولها: "وبيني وبينه ثوبٌ ولكن قولها في الرواية الأخرى: "فوق الإزار" يفسّر أنه الثوب الذي عَنَته، وفي البخاريّ: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أراد أن يباشر امرأةً من نسائه أمرها، فاتّزرت، وهي حائض".

وذهب بعض السلف، وبعض أصحابنا - يعني المالكيّة - إلى أن الممنوع منها الفرج وحده، وأن غيره مما تحت الإزار حماية منه، مخافةَ ما يُصيبه، ورُوي عن عائشة معناه، وحَكَى ابن المرابط في "شرحه" إجماع السلف على


(١) راجع: نسخة محمد ذهني ١/ ١٦٧، و"النهاية" لابن الأثير ٣/ ٧٤.
(٢) حديث صحيح، أخرجه أبو داود في: "سننه" ١/ ٥٥.
(٣) مرسل صحيح، أخرجه في: "الموطّأ"، والدارميّ في: "سننه".