للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

رواية مالك من المزيد في متصل الأسانيد، وقد رواه بعضهم عن مالك، فوافق الليث، أخرجه النسائي أيضًا (١).

(أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَتْ: إِنْ كُنْتُ لَأَدْخُلُ الْبَيْتَ). "إن" بكسر الهمزة هي المخفّفة من الثقيلة، ولذا دخلت اللام في خبرها، كما قال في "الخلاصة":

وَخُفِّفَتْ "إِنَّ" فَقَلَّ الْعَمَلُ … وَتَلْزَمُ الَّلامُ إِذَا مَا تُهْمَلُ

ثم الغالب أنه لا يليها إلا الأفعال الناسخة للابتداء، كقوله تعالى: {وَإِنْ كَانَتْ لَكَبِيرَةً} الآية [البقرة: ١٤٣]، وقوله: {وَإِنْ يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا} الآية [القلم: ٥١]، وقوله: {وَإِنْ وَجَدْنَا أَكْثَرَهُمْ} الآية [الأعراف: ١٠٢]، وإلى هذا أشار ابن مالك في "الخلاصة"، فقال:

وَالْفِعْلُ إِنْ لَمْ يَكُ نَاسِخًا فَلَا … تُلْفِيهِ غَالِبًا بِـ "إِنْ" ذِي مُوصَلَا

(لِلْحَاجَةِ)، وفي رواية مالك الماضية: "إلا لحاجة الإنسان"، قال في "الفتح": وفسّرها الزهريّ بالبول والغائط، وقد اتفقوا على استثنائهما، واختلفوا في غيرهما من الحاجات، كالأكل والشرب، ولو خرج لهما، فتوضأ خارج المسجد لم يبطل، ويلتحق بهما القيء، والفصد لمن احتاج إليه.

ووقع عند أبي داود من طريق عبد الرحمن بن إسحاق، عن الزهريّ، عن عروة، عن عائشة: قالت: السنةُ على المعتكف أن لا يعود مريضًا، ولا يشهد جنازةً، ولا يمس امرأة، ولا يباشرها، ولا يخرج لحاجة إلا لما لا بُدّ منه، قال أبو داود: غير عبد الرحمن لا يقول فيه البتة.

وجزم الدارقطنيّ بأن القدر الذي من حديث عائشة قولها: "لا يخرج إلا لحاجة"، وما عداه ممن دونها.

قال: ورَوَينا عن عليّ، والنخعيّ، والحسن البصريّ: إن شَهِد المعتكف جنازةً، أو عاد مريضًا، أو خرج للجمعة بَطَلَ اعتكافه، وبه قال الكوفيون، وابن المنذر في الجمعة، وقال الثوريّ، والشافعيّ، وإسحاق: إن شَرَطَ شيئًا من ذلك في ابتداء اعتكافه، لم يبطل اعتكافه بفعله، وهو رواية عن أحمد. انتهى (٢).


(١) "الفتح" ٤/ ٣٢١.
(٢) "الفتح" ٤/ ٣٢١.