للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فأما إثبات الهاء فيها على إجرائها على فغل المؤنّث، حاضت فهي حائضة، وأما قولهم: حائضٌ، فللنحاة فيها وجهان:

أحدهما: أن حائض، وطالق، ومُرضِع مما لا يشترك فيه المذكَّر، فاستُغني فيه عن علامة التأنيث.

والثاني: - وهو الصحيح - أن ذلك على طريق النسب، أي ذات حيض، ورضاع، وطلاق، كما قال تعالى: {السَّمَاءُ مُنْفَطِرٌ بِهِ} [المزّمل: ١٨]. انتهى كلام القاضي عياض - رحمه الله - (١).

[تنبيه]: جملة "وأنا حائض" في محلّ نصب حال، قال الكرمانيّ: إما من فاعل "يتّكئ"، وإما من المضاف إليه، وهي ياء المتكلّم في قوله: "في حجري".

قال الجامع عفا الله عنه: تعقّبه العينيّ في قوله: من فاعل "يتكئ". وعندي أن ما قاله الكرمانيّ صحيح، كما لا يخفى، فهو كقولك: جاء زيد، وأنا جالسٌ، وجواز مثل هذا لا خفاء فيه.

وجاز مجيء الحال من المضاف إليه، أعني ياء المتكلّم في "حجري"؛ لكون المضاف جزءًا، أو كجزء (٢) من المضاف إليه، كما في قوله تعالى: {أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا} [النحل: ١٢٣]، وإلى هذا أشار في "الخلاصة" حيث قال:

وَلَا تُجِزْ حَالًا مِنَ الْمُضَافِ لَهْ … إِلَّا إِذَا اقْتَضَى الْمُضَافُ عَمَلَهْ

أَوْ كَانَ جُزْءَ مَا لَهُ أُضِيفَا … أَوْ مِثْلَ جُزْئِهِ فَلَا تَحِيفَا

قال في "العمدة": وكلمة "في" في قولها: "في حجري" بمعنى "على"، كما في قوله تعالى: {وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ} [طه: ٧١] أي على جذوع النخل، قال: وفائدة العدول عنه بيان التمكّن فيه، كتمكّن المظروف في الظرف. انتهى (٣).


(١) "إكمال المعلم" ٢/ ١٣٤ - ١٣٥، بزيادة من "المفهم" ١/ ٥٦٠.
(٢) أي: على اختلاف معنى الحجر، هل هو الحِضن، أو الثوب المقدّم أمامه؟ كما سبق.
(٣) "عمدة القاري" ٣/ ٣٨٩.